الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الصندوق الأسود والبيت الأبيض

في فلسفة التفاعل البشري، وفقاً لأفلاطون، أن الحياة بمفهومها السامي العميق قد أيقظت في نفوس الناس حب التقارب والوئام، من أجل الوصول إلى الانسجام، وأضاف أرسطو في هذا السياق قائلاً: «إن البراعة في استثمار هذا التقارب كمبدأ للحياة، وبنشر الطمأنينة بين أفراد المجتمعات، عبر فئة من البشر الذين لديهم النوايا الحسنة والفطرة السليمة، سيتم تحقيق القيادة الجيدة الرشيدة»، فهل ما بين بولتون وترامب شيء من هذا القبيل؟ كل شيء في الإنسان هو عادة، والعادة هي المحرك العظيم لحياة الإنسان، والاعتقاد بأن الولايات المتحدة خالية من العادات والتقاليد هو اعتقاد خاطئ، وليس هناك شك في أن موضوع كتاب جون بولتون سيكون له دور رئيسي في مسألة التقاليد الأمريكية! وإن ترامب الذي يرفض أن يكشف عن سجله الضريبي حسب بولتون، سيواجه الكثير من الجدل على هذا النمط الذي يتنافى مع مفاهيم القيم الإنسانية والقيادية، من واقع التعامل وفق فعل البناء الوجداني السليم للقادة والنوايا، وقوة الإرادة للدفع بالعمل الجماعي من أجل الشعب.
إن هذا التأكيد يتنافى تماماً مع مبدأ الميكافيلية، حيث إن الإيجابية في العطاء ونكران الذات ورفض مبدأ الغاية تبرر الوسيلة يعد تعافياً، ولذا ستكون الوسيلة أكثر نبلاً إذا كانت الغاية نبيلة.
ولكن هل وسيلة جون بولتون أو الصندوق الأسود للبيت الأبيض كما يوصف، لتحقيق مآربه من الرئيس دونالد ترامب ترتقي إلى درجة الإيجابية المبررة؟ إن بولتون يميل إلى اعتبار المنافسين الذين يخطئون في مهامهم العملية غير أكفاء ولا يمكنهم إنجاز الأمور، وكون المرء يتغافل قد لا يكون أمراً سيئاً، إذا قام بعمل الأشياء واتبع القواعد، للوصول إلى ما يرغب، فقد انتظر حتى يتحين الفرصة فقط! تعبر الفكرة التي تبناها بولتون ظاهرياً، عن محتوى عميق من عالم عقلاني يجذب الفرد السليم الذي ينعكس صلاحه في الخير، ويحكم تصوراته للأشياء، ويمكّنه من إدراك واقعه بالتفاصيل التي قد لا يعرفها الآخرون، ما يمكّنه من إتقان دوره بمهارة، ويجعله قادراً على صنع الحدث، لكن داخله يحمل «غضب بولتون من ترامب»، فهل الهدف من كتاب «الغرفة التي شهدت الأحداث» الكشف فقط عن الظواهر «المذهلة» لدونالد ترامب أم هي ظلال السباق الانتخابي تلوح في الأفق؟