السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

أمريكا أمة في خطر

هل أضحت الولايات المتحدة الأمريكية أمة في خطر لا سيما في الأشهر الأربعة الأخيرة؟

في أوائل ثمانينيات القرن الماضي، كلف الرئيس الأمريكي الراحل رونالد ريغان خبراء التربية والتعليم في البلاد بعمل بحث شامل عن أحوال الدراسة في أمريكا وقد خلصوا إلى تقرير شهير عنوانه «أمة في خطر».

والشاهد أن الخطر الأمريكي الحالي الذي تجد الولايات المتحدة الأمريكية نفسها غارقة فيه، يختلف عن سابقه، فالتهديد الآن من قلب النسيج المجتمعي الأمريكي.. ماذا يعني ذلك؟

الخطر الذي تعانيه أمريكا بات يتجاوز أزمة انتشار وتفشي فيروس كورونا الشائه، وإن كان قد أبرز شكلاً من أشكال الانقسام الأمريكي الداخلي، وأزمة القيادة، والاستقطاب الحاد في الشارع ولدى الرأي العام الأمريكي، إلى الدرجة التي باتت فيها روح التمرد والانقلاب واضحة حول مختلف الولايات.

الخطر الذي تواجهه أمريكا اليوم يكاد المراقب العام يتحير معه، فيما العارفون ببواطن الأمور يدركون أن هناك قدراً مقدوراً في زمن منظور لتفكك الولايات المتحدة الأمريكية، بالضبط كما حدث مع الاتحاد السوفيتي، والعهدة هنا على رواة أمريكيين ثقات من نوعية «ألفين توفلر» و«آرثر شبنغلر»، وحتى «زبيجينو بريجنسكي».

كتب هؤلاء العديد من الكتب في ثمانينيات القرن الماضي تشير إلى أن التنازع والتشارع في الروح الأمريكية قائم وقادم بسرعة شديدة، وهو ما بدأ يتحقق على الأرض بالفعل، فروح الانقسام تطال اليوم ولايات عدة من تلك الغنية والثرية والتي يتساءل مواطنوها عن السبب في أنهم يتحملون قدراً كبيراً جداً من أكلاف ولايات فقيرة وضعيفة.

على أن البعض يرى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هو أحد الأسباب الرئيسة في الخطر المحدق بالأمة الأمريكية، وأنه عزز روح التشظي، وتسبب في تعميق الشروخات الاجتماعية بين الأمريكيين... ما صحة ودقة هذا الكلام؟

يمكن القول بحال من الأحوال إن ترامب رجل غير مسيس وجاء من خارج الدائرة الحزبية والنخبة السياسية الفاسدة، ولهذا يجد نفسه وحتى قبل أن يدخل البيت الأبيض أمام تحديات جسام ومؤامرات تمثلت أخبارها فيما اصطلح على تسميته «أوباما- غيت»، حيث جرى التآمر على الرجل من قبل أركان الإدارة الديمقراطية السابقة وقبل أن تغادر البيت الأبيض، على أمل أن يخسر لصالح المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، وبذلك تمضي رؤى الديمقراطيين إلى الأمام من جديد.

السؤال الآن هل ما نراه من فوضى تعم البلاد وهناك من يقف وراءها ويؤججها، مقدمة لانهيار الأمة إن مضى الحال على هذا المنوال؟

الجواب يضيق على المسطح المتاح للكتابة، غير أنه باختصار غير مخل، تبقى أمريكا أمام تحديين رئيسيين في الأشهر الأربعة القادمة:

أولاً: مدى تفشي وانتشار فيروس كورونا، وهل سيمضي على هذا النحو الفتاك في البلاد، الأمر الذي بات يهدد قولاً وفعلاً مستقبل السياسة والاقتصاد والاجتماع وغيرها من مناحي الحياة الأمريكية.

ثانياً: معركة الانتخابات الرئاسية والتي تحفل صباح كل يوم جديد بأزمة مغايرة واتهامات جديدة للرئيس ترامب، وكأن هناك من يعمل جاهداً على ألا يفوز الرجل، الأمر الذي يمكن أن يعتبره أنصاره وهم بالملايين ومن أصحاب التسليح العالي والمتقدم، نوعاً من أنواع التآمر على رئيسهم ومرشحهم، ما يعني صراعاً أهليا لا محالة.

روح أمريكا منشقة في داخلها وهذا هو الخطر الأكبر الذي يتهددها بأكثر من صواريخ القيصر بوتين.