الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

تركيا.. ومظاهر القوة الزائفة

يتجول المسؤولون الأتراك في بعض العواصم العربية، وكأنها ليست دولاً ذات سيادة... هكذا بدا الأمر على الأقل من خلال الصور التي سجلتها عدسات الإعلام لرجب طيب أردوغان، وهو يسبق مضيفه على السجادة الحمراء في مطار الدوحة، وتكرر الأمر أثناء زيارة وزير الدفاع التركي إلى العاصمة الليبية طرابلس، في ظل معلومات متواترة عن فرض أنقرة لوصايتها العسكرية على الطريقة الأمريكية في العراق ذاتها، حيث سيحظى الضباط الأتراك بحصانة دبلوماسية ويتمتع الجنود بحصانة قانونية تحول دون ملاحقتهم، حتى لو ارتكبوا أفظع الجرائم والانتهاكات.

كل الرسائل التي تبعثها تركيا تشي برغبة عارمة باستعادة الإمبراطورية العثمانية على حساب الجسد العربي المتآكل بالصراعات والمطحون بتبعية العملاء، ولكن ممارسات الأتراك في الدول التي سقطت تحت سنابك المطامع العثمانية، تؤكد أن هذا المشروع بصدد تكرار أبشع مراحل الصلف التركي في بلاد العرب التي لا تزال عالقة في الذاكرة.

وفي دوامة الأنين المتصاعد من صلف السياسة التركية تجاه العرب، تناقلت وسائل الإعلام صوراً لرجل عراقي وهو يشير لجدول ماء صغير يمر في أرض سبخة، هو كل ما تبقى من نهر الفرات الذي جففته أنقرة مستغلة حالة الضعف والصراع الداخلي التي يمر بها العراق العظيم، الذي كانت عاصمته حاضرة العباسية.


وحال سوريا التي كانت دمشقها حاضرة الدولة الأموية ليست بأحسن حال، حيث تتناوشها أطماع الأجندة الإيرانية في الوقت الذي تغرز فيه تركيا مخالبها في الشمال السوري، لفرض واقع جديد، بينما يستمر تحويل أنقرة للكثير من شباب هذا البلد العربي الممزق إلى مرتزقة للدفاع عن مصالحها في قارة أخرى بعيداً عن الوطن الأم.


ويظل السؤال الجوهري الذي يُطْرَح عند الحديث عن مشروع التوسع التركي في المنطقة العربية: هل لهذا المشروع مستقبل حقيقي أم أنه نتيجة عبثية لفوضى المشهد العربي المبعثر على مائدة النزاعات الأيديولوجية والسياسية وخريطة المصالح الدولية؟

الواقع يؤكد أن مظاهر القوة الزائفة التي تحاول تركيا أن تبدو عليها، لا تتسق مع حقيقة الوضع التركي الداخلي الذي يعاني من صراعات سياسية عميقة، وأزمة اقتصادية خانقة، لا يمكن إخفاؤها باستعراضات النفوذ التي لا توجد لها جذور حقيقية ولا تتناسب مع حجم تركيا الجيو ـ سياسي، ولا إمكاناتها الاقتصادية والعسكرية، فيما تبدو نقطة القوة الوحيدة في هذا السياق هي: تعطش كثير من العملاء العرب لأكثر عصور احتلال بلدانهم تخلفاً وأكثرها سوءاً.