الأربعاء - 08 مايو 2024
الأربعاء - 08 مايو 2024

لبنان يضيع يا عرب

كان لبنان قبل أن تشتعل الحرب الأهلية، التي استمرت 16 عاماً، واحة العرب، وكان الشعب اللبناني من أرقى الشعوب العربية، كما كان لبنان ـ الحياة والمعيشة والطبيعة ـ ينافس أرقى دول العالم، وكان الجمال يتجسد في كل أهله وفي كل مظاهر الحياة فيه، وحتى في مدنه وشوارعه.

غير أن الحرب الأهلية خرّبت كل شيء هناك، ابتداء بالنسيج الاجتماعي وانتهاء بالدور الثقافي فناً وإبداعاً واسهاماً.. فما عاد لبنان كما كان في القديم، ذلك أن الحرب قتلت الأنفس وهدمت البيوت وأحرقت الغابات، وبعدها انقسم الشارع اللبناني وظهر حزب الله والكتائب والشيعة والسنة، وأصبح من السهل أن تشتعل النيران في أي لحظة، لأن الغضب في النفوس والسلاح في الأيدي، والموت يطوف في الشوارع.

وفي لحظة تاريخية، وخلال فترة قصيرة من الزمن نجح الشعب اللبناني في أن يتجاوز محنة الحرب الأهلية، وأن يعود السلام يرفرف علي حياة الناس، وعاد لبنان الجميل يغني ويحب ويسافر، ولكن من وقت لآخر كانت عواصف الانقسامات تطل برأسها، ويخرج الحقد القديم، وتظهر حشود الكراهية، ويعود لبنان الصراعات والأحزاب ومواكب الكراهية.


وفي الفترة الأخيرة أطلت من جديد سحابات الانقسام على الشارع اللبناني، وظهرت الأسلحة، وانطلقت صرخات التهديد، وغابت أصوات العقل والحكمة، وظهرت أسئلة فرضت نفسها على الواقع، ومنها: لماذا عاد الوجه القبيح الذي فرَّق أرقى الشعوب العربية؟ وأين الساسة وزعماء الأحزاب والجماعات والأقليات؟ ولماذا تركوا لبنان يوشك أن يغرق مرة أخرى فى بحار الدم؟


وتبقى الأسئلة الأهم هي تلك المتعلقة بالاقتصاد، ومنها: أين الاقتصاد اللبناني بكل موارده، وهي كثيرة ومتعددة؟ وكيف ضاعت؟ وأين ذهبت؟ وأين أثرياء الشعب اللبناني وهم في كل مكان؟.. بل أين الدول العربية، وهل ستترك لبنان يضيع ما بين المجاعة والديون والملايين التي هربت؟

على صعيد آخر، تطرح أسئلة متعلقة بالإنسانية كلها، مثل: أين المؤسسات الدولية مما يحدث في لبنان، مثل صندوق النقد والبنك الدولي؟ كيف لا تقدم الدعم للاقتصاد اللبناني لكي يخرج من هذه الكارثة؟ ومن كان يصدق أن يبحث المواطن اللبناني عن رغيف خبز ولا يجده، وأن ينتحر 3 من شبابه أمام الناس فى الشوارع؟.. أين المعونات العربية؟ ومن كان يصدق أن يصبح سعر الدولار الواحد 10 آلاف ليرة، وأن طوابير الناس تقف أمام أبواب البنوك المغلقة؟

إن ما يحدث الآن في لبنان أجمل أوطان العرب كارثة إنسانية، ولا أحد يعرف إلى أين ستنتهي هذه المأساة.. لبنان اليوم بلا خبز، ولا خدمات، ولا أموال، ولاعقل يعيد للوطن صوابه، بينما هربت أمواله مع اللصوص والمغامرين، إن ما يحدث في لبنان جريمة في حق هذا الوطن الجميل ولا بد من البحث عن ملاذ.. لبنان يضيع يا عرب.