الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

مالي.. الفشل يُولِّد للثورة

انتفضت «حركة 5 يونيو» في مالي من جديد يوم 10 يوليو الجاري، معبرة عن معارضتها القوية للرئيس بوبكر كايتا الموجود في الحكم منذ 2013، وضد التواجد الأجنبي برفعها شعار «إنهاء الوصاية الفرنسية»، حيث بينت استطلاعات الرأي أن أكثر من 80% من الشعب يرفضها، وتتمثل الدوافع المعلن عنها في سوء تسيير الحكم وتفشي الفساد والفشل في تسوية أزمة الانفصال في الشمال، وتزوير انتخابات 29 مارس 2020.

وخاضت الحركة عدة احتجاجات خلال شهرين، أقواها كان يوم الجمعة الماضي، وهي تشبه «انقلاباً مصغراً»، وتضم قيادات دينية وسياسيين وشخصيات من المجتمع المدني، ويتزعمها الإمام «محمود ديمو» الرئيس السابق للمجلس الأعلى للمسلمين في مالي، الذي ينحدر من تمبوكتو أي من التوارق، ويلقب بـ«إمام الشعب» نظراً لشعبيته الكبيرة، وبذلك يعود الإسلام السياسي للواجهة من جديد.

وأطلق على هذه الحركة اسم 5 يونيو بسبب التجمع الكبير الذي نظم ذلك اليوم في ساحة الاستقلال، استجابة لدعوة محمود ديمو بتاريخ 26 مايو 2020، ومن خلال التسمية المعتمدة على التاريخ، يمكن وصفها بربيع مالي على مقياس الربيع العربي.

والغريب في الأمر أن وزيرة الدفاع الفرنسية أعلنت يوم 5 يونيو 2020 ـ أي نفس يوم التجمع ــ عن قتل زعيم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في مالي عبدالمالك دروكدال على يد قوات فرنسية، ويبدو أن ذلك جاء رداً على مطلب رحيل القوات الفرنسية لتبين أنها تستطيع القضاء على الإرهاب.

لكن السؤال: ما الذي أخرها حتى ظهور الحراك؟.. مما يولد المخاوف حول دور الإرهاب في تحقيق المصالح الدولية، ويبقى السؤال الكبير: ماذا لو نجح الإسلام السياسي في إسقاط نظام بوبكر كايتا؟.. وما هي تداعياته على المنطقة؟

لا تزال مالي غارقة في أزمة أمنية منذ 2012 تاريخ إعلان التوارق استقلالهم، مستفيدين من سلاح معمر القذافي بعد سقوطه عام 2011، الأمر الذي أدى إلى تدخل فرنسا شهر يناير 2013 في عملية سيرفال، ثم أخذت اسم براخان عام 2015، وفي عام 2017 شكلت فرنسا ما يعرف بمجموعة الدول الخمس التي تضم أزيد من 5000 جندي، يضاف إليها قوات الأمم المتحدة، وبسبب التدخلات الأجنبية تعطل تطبيق اتفاق السلم والمصالحة الموقع في الجزائر عام 2015، وإلى يومنا هذا لم تفلح القوة العسكرية الأجنبية في تحقيق الاستقرار والأمن في مالي، بل أضفت الشرعيّة على العمل الجهادي، وقوَّت العمل الإرهابي.