الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

اعتذار بريطانيا.. ودور«بلحاج» اللِّيبي

في صباح يوم 10 مايو 2018 اعتذرت الحكومة البريطانية على لسان رئيسة الوزراء تريزا ماري ماي، والمدعي العام، أمام مجلس العموم البريطاني للسيد عبد الحكيم بلحاج أحد عملاء قطر في طرابلس الغرب، وأحد قيادات القاعدة سابقاً، وأكبر لصوص ليبيا الذي أسس شركة طيران خاصة (الأجنحة) بالأموال المنهوبة بعد سقوط القذافي، والذي تولى مسؤولية التنسيق بين الفصائل الليبية في طرابلس والرئيس أردوغان، والذي يتم إعداده حالياً ليتولى تجميع الميليشيات المسلحة التابعة لتركيا في طرابلس الغرب تحت ما يسمى «الحرس الوطني»، بعد أن فشل فايز السراج في إدماجها ضمن قوات حكومة الوفاق، التي نجحت في تمزيق الليبيين، وتعميق الشقاق بينهم.

وجاء الاعتذار البريطاني غير المسبوق عن أفعال قامت بها المخابرات البريطانية MI6 عام 2004 حين خطفت من تايلاند عضو القاعدة الهارب من أفغانستان عبدالحكيم بلحاج وزوجته السيدة «بودشار»، التي كانت حُبلى حينها، وتم تسليمهما للقذافي الذي أفرج عنهما بعد مدة قصيرة.

هذا الاعتذار الذي قامت به سلطات الدولة البريطانية الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية، يجب أن يتم الوقوف عنده، لأن السياسة البريطانية دقيقة الحسابات، وتأخذ جميع المتغيرات في الحسبان.


وهنا يجب التفكير في العديد من الأبعاد: هل كان هذا الاعتذار من السلطات البريطانية عملية تبييض سياسي لعبدالحكيم بلحاج، فبعدها لا يستطيع أحد أن يصفه بالإرهاب أو الفساد، لأن بريطانيا ستعوضه بمبلغ نصف مليون جنيه استرليني عن انتهاك حقوق إنسان شريف غير متهم أو مدان؟


ولماذا حدثت عملية التبييض السياسي لعبدالحكيم بلحاج في اللحظة التي أوشك فيها المشير خليفة حفتر على إنهاء الوجود الإرهابي في درنة، وبذلك أصبح الشرق الليبي ومعظم الجنوب، وبعض الغرب خاضعاً للجيش الوطني الليبي، وينحصر وجود الميليشيات الإسلامية في مدينة طرابلس وما حولها.. فهل كان يتم إعداده ليقوم بدور ما في مواجهة المشير حفتر، كما تم إعداده سابقاً لمواجهة القذافي؟ وهل كان يتم إعداد عبدالحكيم بلحاج منذ ذلك الوقت لتسخين الملف الليبي، ونقل داعش هناك، بحيث يكون له، ولشركة الطيران التي يملكها الدور الرئيسي في هذه العملية؟

أسئلة كثيرة لم يكن ممكناً الإجابة عنها في ذلك الحين، ولكنه من السهل الإجابة عليها الآن بعد أن تم نقل ما يقارب عشرين ألف إرهابيّ من سوريا الى ليبيا، وبعد أن برز الدور الرئيسي للسيد عبدالحكيم بلحاج في تنفيذ خطة أردوغان في التخلص من الدواعش، وتصديرهم لتحقيق أجندته في مصر وتونس والجزائر ودول الساحل والصحراء.