السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

منافسة أمريكا.. الطريق الطويل

تنشغل دول كبرى اليوم بمحاولة منافسة قوة الولايات المتحدة، لكنّها لم تصل بعد إلى مستوى إحداث التأثير المطلوب، فذلك يتطلب امتلاك أوراق اللعب الهائلة التي يحوزها الأمريكان، ومعرفة نقاط ضعفهم الأساسية والاضطلاع ببعض أدوارهم العالمية، وهذا كله ليس بالأمر السهل أو المتاح.

بالمقابل، فإنّ أمريكا يُناسبها بقاء النظام الشمولي في الصين وروسيا، وتشجع النظام الهندي ليصبح يمينياً أكثر، كما تجمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب علاقة جيدة وتوافقية مع اليمين الأوروبي، وكل هذه الدول بالتالي، تسير ربما في طريق الانغلاق الداخلي وتستنزف جزءاً من مقدّراتها لخدمة ما تؤمن به من طرق إدارة الحكم والدولة، ما يُضيّع عليها فرصة إطلاق العنان الكامل لطاقات شعوبها الكامنة وإبداعاتهم بعيداً عن العسكرة والنزعة اليمينية، فروسيا رغم إمكاناتها الضخمة، ما يزال ترتيبها (11) اقتصادياً على مستوى العالم، فقط، ولا نعرف من إنتاجها إلا السلاح والقمح والطاقة، والسبب كما يقول المختصون: طبيعة النظام السياسي فيها، حيث الضعف الحاصل في استغلال مقدّراتها والتحجيم الواضح لقدرات شعبها، أمّا المنافس الأقرب والأقوى وهو الصين، والتي تحكم برؤية واحدة، دون اعتبار، ربما، بالرؤى الأخرى في المجتمع، وهذا ما يخسرها تقييم وتصحيح مشروعها الداخلي والخارجي، وهذا كله بالطبع يروق للأمريكان.

ولا يعني ذلك أبداً، أنّ أمريكا واقتصاد السوق الذي تتّبعه بلا مشاكلات أو أزمات، لكن على مستوى المنافسة مع الكبار ما تزال تملك القدرة على المبادرة والتأثير، إضافةً إلى أنّها تستخدم قوتها الكونية وثقلها السياسي العالمي في تأمين مصالحها وإنعاش اقتصادها ولو بطرق الهيمنة والاستحواذ والحرب.


إن أوراق اللعب الرئيسية ما تزال بيد الأمريكان، وهم ممسكون بالكعكة الدولية، ويوزعون الحصص حسب ما تقتضي مصالحهم، كذلك فإنّ أمريكا تجيد اللعب على تناقضات الداخل لمنافسيها، فخلافات الصين مع روسيا والهند واليابان وتايوان كثيرة، كما أنّ أوروبا ما تزال تتخوف من الشبح الروسي الجاثم على حدودها، عدا أنّ أمريكا تستطيع إثارة مناطق عدة، كالشرق الأوسط أو جنوب شرق آسيا أو شبه القارة الهندية وغيرها بما يؤذي منافسيها ويوجعهم.


وخلاصة القول: برغم جراح الولايات المتحدة الكثيرة والغائرة، إلا أن المنافسين لها غير قادرين تماماً على تعميق هذه الجروح أو النيل منها، ولحين تحقيق ذلك، ستبقى القيادة بيد الأمريكان المأزومين.