الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الإسلام السياسي.. وفلسطين



منذ حرب 1948 رسخ في الوجدان العربي أن تحرير فلسطين وإقامة الدولة الفلسطينية قضية العرب المركزية، وأن اسرائيل هي العدو الأول للأمة.

مضت السنوات والعقود، وتطور خلالها الخطاب العربي وجرت في نهر الأحداث موجات جديدة، لكن بقي حلم إقامة الدولة الفلسطينية ثابتاً، وظل التوجس من إسرائيل قائماً، والدليل موقف مصر والأردن من مسألة ضم «غور الأردن»، رغم أن الدولتين تربط كلاً منهما معاهدة سلام مع إسرائيل، وباختصار كانت الثوابت العربية قائمة، حتى ذاع شأن جماعات الإسلام السياسي وكثرت، وقد انطلق معظمها من جماعة حسن البنا.


حمل تيارالإسلام السياسي أولويات جديدة، الهدف الأول والأخير منها إقامة الدولة الإسلامية وتطبيق الشريعة، هذه الدولة بلا حدود جغرافية، تقوم في أفغانستان أو في الموصل، على أشلاء سوريا أو ليبيا لا بأس، المهم ألا تقترب من حدود إسرائيل، وصار العدو الأول هو الدولة الوطنية العربية وأنظمة الحكم بها، أو ما يطلقون عليه العدو القريب، باختصار الدولة الإسلامية هي الهدف وليست الدولة الفلسطينية.


ونعرف عدة نماذج دالة، أبرزها: صالح سرية وعبدالله عزام، فكل منهما فلسطيني، الأول هاجر إلى العراق، والثاني إلى الأردن، وتعلم كل منهما في مصر، الأول نال الدكتوراه في جامعة عين شمس، والثاني تخرج في جامعة الأزهر، واعتنق كل منهما أفكار الإخوان والإسلام السياسي، صالح سرية أسَّس تنظيماً وهاجم الكلية الفنية العسكرية المقابلة لمسجد وقبر الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، وقتل عدداً من طلابها وحراسها ليسرق السلاح منها، ويتجه به إلى كورنيش النيل ليغتال الرئيس السادات وأركان حكمه، وكان قبلها قد أعلن عن إقامة الدولة الإسلامية 1974 بعد مرور أقل من عام على حرب أكتوبر.

أما عبدالله عزام فقد ذهب للعمل في «جدة» بالمملكة العربية السعودية، ثم جمع الأموال والشباب وسافر للجهاد في أفغانستان، ولما لاحظ البعض تجاهله للقضية الفلسطينية، أجاب: إن الهدف في أفغانستان بناء الدولة الإسلامية، أما في فلسطين فالهدف إقامة دولة علمانية، فيها الشيوعي والقومي والإسلامي المحدث.

أما هتاف أنصار الإسلام السياسي «على القدس رايحين، شهداء بالملايين»، فقد ثبت أنه استُعمل لتغطية عملياتهم الإرهابية وجمع الأموال من المتبرعين.

فهل فعلت جماعات الإسلام السياسي ذلك بترتيب أو انصياع مسبق مع أطراف إسرائيلية، كما يقطع البعض بذلك أم جاء تلقائياً؟ أيّاً كان الأمر، فإن النتيجة واحدة وهي أن الإسلام السياسي عدو للأمة العربية ويشكل خطراً وجوديّاً عليها.