الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

هل نُضحِّي في عصر كورونا؟

من بين القضايا التي أصبحت محل جدل في الجزائر «أضحية العيد».. فهل نضحي في زمن كورونا أم تسقط الأضحية؟

وقد أصدرت لجنة الفتوى لوزارة الشؤون الدينية فتوى غير مفهومة، بحيث لم تفصل في الموضوع، وراحت تعطي النصائح التي تعودنا عليها منذ عشرات السنين ومنذ ظهور كورونا، وتركت الانطباع لدى الناس أنه من استطاع أن يضحي فليفعل شريطة مراعاة النظافة والتباعد الاجتماعي، وارتداء الكمامة، وعدم التصافح والتعانق ولا زيارة الأقارب.

يبدو أن غموض الفتوى يرجع لتأثر الوزارة بروَّاد فيسبوك الذين شنوا حملة على أحد الأساتذة الذي وجه نصيحة للطلاب بعدم كتابة البسملة في بداية مذكرات التخرج بسبب حفظ المذكرات في ظروف لا تليق بقدسية القرآن الكريم وأحياناً تلقى في سلة المهملات، والذين هاجموا الأستاذ ليسوا بالضرورة ملتزمين دينياً، لذلك أطلق عليهم «كمال قرور» وهو أحد الناشطين والمثقفين الجزائريين عبارة «المبسملون» للتهكم عليهم.

كما أنها، قد تكون، تأثرت بالحملة ضد أحد النوّاب الذي دعا لعدم «الذبح» بسبب جائحة كورونا، ثم حملة ضد عميد الأطباء الجزائريين الدكتور بقاط بركاني، الذي قال: إن النحر من شأنه أن يضاعف عدد الإصابات.

والحقيقة أن الفتوى لا ينبغي أن تنظر لردود فعل الناس على اختلافهم الفكري، بل تأخذ بعين الاعتبار معطيات أخرى منها: حفظ الكليات الخمس، فإذا أصبحت الأضحية خطراً على حياة الناس، وهي سنة.. فأيهما أولى؟

ويضاف إلى ذلك أن الحياة الاقتصادية للمواطنين سيئة بسبب تعطل النشاط الاقتصادي، وأن المواطن بحاجة لخمسة أضعاف المنحة التي تقدمها الدولة للمتضررين من كورونا حتى يستطيع شراء الأضحية، وفضلاً عن ذلك فإن هناك خطراً فعلياً قائماً، لأن التجربة بيَّنت أن المواطنين ليسوا جديين في التعامل مع إرشادات الوقاية من الجائحة.

والأكثر من ذلك، أنه بسبب كورونا صدرت الفتاوى بغلق المساجد وتعطيل صلاة الجماعة ثم الجمعة وصلاة عيد الفطر وحتى تعطيل الحج وهو الركن الخامس.

كان أجدر بلجنة الفتوى أن توسع النقاش مع الفقهاء والأطباء، بدل التأثر بفيسبوك الذي من رواده من هم غير ملتزمين دينياً أصلاً.. ثم ألم يقل لنا الأئمة إن الرسول الكريم -ص- قد ضحَّى نيابة عن الأمة.. أم أن ذلك كان مجرد كلام للتخفيف عن الفقراء؟

فكيف يكون الإسلام صالحاً لكل زمان ومكان إذا كانت الفتاوى لا تتكيف مع الظروف الاقتصادية والاجتماعية والصحيّة للبلاد؟