الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الموقف العربي.. هل يعود؟

الحقيقة المؤلمة أن العرب بدأوا يفقدون مفهوم «الموقف العربي» مع الاحتلال العراقي للكويت 1990، وتراجع هذا المفهوم بصورة كبيرة مع الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، ومنذ ذلك الحين لم يعد مفهوم السيادة في العالم العربي مفهوماً مركزياً، ولم تعد له قدسية كما كان سابقاً، ومع تراجع مفهوم السيادة بدأ يتلاشى كذلك مفهوم الموقف العربي، بحيث يمكن أن نقول إنه لا يوجد هناك شيء اسمه الموقف العربي في هذه المرحلة.... هناك مواقف للدول العربية طبقاً لمصالحها الوطنية، التي تقررها قياداتها.

لذلك لا يوجد موقف عربي من الاحتلال التركي لشمال سوريا، أو الغزو التركي لدولة ليبيا، أو العبث الإيراني باليمن وسوريا ولبنان وقبلهم العراق، فهناك من يؤيد هذا الاحتلال وكل هذه التدخلات العبثية في الإقليم العربي ويدعمها مثل دولة قطر، وكذلك المعارضة السورية ذاتها تشارك في ترسيخ الاحتلال، وتعمل بعض فصائلها تحت القيادة العسكرية التركية لقهر شعبها، وإخضاعه للإرادة التركية، وتغيير هويته وثقافته.. كل ذلك تحت ذريعة الثورة، وتغيير النظام. في ظل هذه الشعارات تحولت المعارضة السورية إلى رمز للخيانة الوطنية لصالح الأحلام التركية في إعادة الدولة العثمانية إلى العالم العربي مرة أخرى.

وهناك من الدول العربية من يغض الطرف عن الممارسات التركية في شمال سوريا، وعن الاحتلال التركي في هذه المناطق لأنها تعارض النظام السوري وتسعى لإسقاطه حتى لو كان ثمن إسقاطه والتخلص منه هو ضياع سوريا ذاتها. وهناك من الدول العربية من لا يكترث بما يحدث في شمال سوريا، ولا يعنيه من الأصل كل الشأن السوري لأنه غارق في حروبه الداخلية، وإعادة ترتيب البيت الداخلي بعد الثورة أو الانتفاضة أو الحرب الأهلية، وهناك من خرج من الشأن العربي جملة وتفصيلاً، وصار يدور في فلك إيران أو قطر، ولم يعد ينشغل بالشأن السوري أو الشأن العربي.


ولقد حافظت مصر على موقف ثابت من الأزمة السورية يقوم على مبادئ ثلاثة هي: أولاً، الحفاظ على وحدة سوريا أرضاً وشعباً وسلامة إقليمها، والحفاظ على سيادتها، وثانياً، الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وثالثاً الحفاظ على الجيش العربي السوري.


ولأنه في سوريا تلتقي مصالح العابثين بالوجود العربي: تركيا وإيران، فإن اتفاق مصر والسعودية على موقف موحد من الأزمة السورية سيعيد من جديد إحياء الموقف العربي ـ مع تجاهل وجود قطر ـ من باقي الأزمات في ليبيا واليمن ولبنان والعراق والصومال.