الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

استنزاف الصين.. حرب باردة جديدة

بدأ مصطلح «الحرب الباردة» بالتداول داخل أوساط كثيرة في الولايات المتحدة مؤخراً، فقد تحدث وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في خطاب تاريخي قبل أيام، حول ضرورة إعادة رسم السياسية الأمريكية تجاه الصين، وأضاف: أن 3 رؤساء لأمريكا أنقذوا الشيوعية الصينية من الانهيار سابقاً، هم: نيكسون في 1972، وبوش في 1989، وكلينتون في 1999.

ولمّح لأول مرة إلى فكرة تغيير النظام في بكين، وأن الشعب الصيني يستحق حياة أفضل، وتأتي هذه التصريحات المباشرة في سياق الضغط على الصين، لإجبارها على الانصياع للشروط الأمريكية التي تعرفها بكين جيداً، والتي يتم التفاوض عليها سراً وعلانية.

ويقصد بالحرب الباردة فترة الصراع بين أمريكا والاتحاد السوفياتي، حيث امتنع القطبان الكبيران عن الدخول في حرب عسكرية مباشرة، والاستعاضة عنها بحرب غير مباشرة، كأن يخوض أحدهما حرباً مع طرف يدعمه القطب الآخر، أو بحروب وكالات بالنيابة عنهما، والذي حصل أن الصراع بينهما كان متكافئاً، لكنه لم يكن كذلك اقتصادياً وتكنولوجياً، وقد أجبرت واشنطن الروس على خوض سباق تسلح معها، فأُرهِق اقتصادهم، وكان برنامج «حرب النجوم» الذي أطلقه الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان في ثمانينات القرن الماضي سبب انسحابهم من هذا السباق، بمعنى؛ أن أمريكا خططت لذلك عبر جرّه لهذا التنافس المرهق.


في حالة الصين، التنافس مع أمريكا يتركّز في الناحيتين الاقتصادية والتكنولوجية، أما في المجال العسكري والاستراتيجي والسياسي فالأمر ليس متكافئاً، لذلك يبدو أن واشنطن تملك سيناريوهين لمواجهة الصين، الأول: جرها لخوض حرب اقتصادية معها وهذا ما يحصل اليوم، لمحاولة إدخالها شيئاً فشيئاً في النظام الرأسمالي، ما قد يترتب على ذلك توريطها في نمط اقتصادي مأزوم ومثقل بالمشكلات، ليتم بعدها اختراق الساحة الصينية، الأمر الذي سيُمكّنها من تطبيق استراتيجية التفتيت الداخلي.


السيناريو الثاني: دفع الصين لدخول سباق تسلح معها كالذي كان مع موسكو، ما يعني البدء باستنزاف اقتصادها بسبب ذلك، ومن ثم إعداد أجندات خاصة لاختراق الداخل الصيني وتأليبه على النظام القائم.

لكن، ورغم وجود تفاهمات وتوازنات كثيرة بينهما، هل ستُجرُ الصين إلى ذلك؟ في واقع الأمر، ما دامت أمريكا في حالة هجوم والصين في حالة دفاع، فإنّ حرباً باردة جديدة على الأبواب، يمكن أن تكون مرجحة وبقوة.