السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

في لبنان.. حضور الديمقراطية وغياب الدولة

الديمقراطية هي وسيلة لتحقيق غاية أساسية وهي الحكم الرشيد، أو الحكم الصالح، أو الحكم الذي يحقق مصالح الناس، ويحافظ على وجودهم ورخائهم واستقرار مجتمعاتهم، والحكم الرشيد أو الحكم الصالح لا يتحقق إلا بسيادة القانون، أو ما يعرف في عصرنا بحكم القانون The Role of Law، وهنا يكون حكم القانون أهم من الديمقراطية، لأنه هو أساسها، وغايتها، ومقصدها الأعلى، وإلا كانت الديمقراطية هي حكم الغوغاء، وهي الفوضى، وخراب المجتمعات وعدم استقرارها، وحكم القانون هو الذي ينظم كيفية ممارسة الديمقراطية، وإجراءات هذه الممارسات، ومعاييرها، وقواعدها.

حكم القانون هو أساس بناء المجتمعات والدول، فالنظام الاجتماعي يبدأ عندما يكون هناك قانون تشريعي، أو عرفي، يخضع له الجميع، الغني والفقير، القوي والضعيف، الحاكم والمحكوم، وبعد وجود القانون أساس نشأة المجتمع الإنساني، وقبل ذلك هو حالة غرائزية تحكمها الشهوات والعضلات.

حكم القانون، الذي هو الأساس الذي يبنى عليه الحكم الرشيد، يستوجب وجود دولة متكاملة الأركان تملك مؤسسات قوية لتطبيق حكم القانون على جميع المواطنين، وعدم استثناء أحد من سريان ونفاذ القانون، وأهم هذه المؤسسات الجيش والأمن الداخلي، وهما الجهتان الوحيدتان اللتان يحق لهما احتكار استخدام القوة تحت مظلة القانون، ولتحقيق العدالة.. والجيش والأمن الداخلي هما أساس وجود الدولة، لأن أبسط تعريفات الدولة أنها الكيان الوحيد الذي يحتكر استخدام القوة في المجتمع.


في لبنان تزدهر مظاهر الديمقراطية إلى حد لا يتكرر في المشرق العربي.. ديمقراطية لبنان نموذج متميز، فهي ديمقراطية سياسية واجتماعية وثقافية وفنية، كانت واحة للفكر والثقافة العربية لعقود طويلة، وكانت فيها دولة قوية، متماسكة، ناجحة في تحقيق التوازن الحرج بين 18 طائفة دينية، ولكن مع ظهور كيان ديني يمثل طائفة من الطوائف، وينسب نفسه إلى الله الخالق المعبود من الجميع، ويدعي أنه هو حزب الله دون غيره من الأحزاب، وبذلك يحتكر الحديث باسم الخالق لإسكات المخالفين.


حزب الله لم يقف عند حدود الحزب السياسي، بل تحت شعار المقاومة، امتلك من السلاح ما يفوق قدرات الدولة اللبنانية ومؤسساتها العسكرية، ونجح في إضعاف الدولة حتى إنها صارت مؤسسة تابعة لحزب يمثل جزءاً من طائفة، لذلك تحولت مؤسساتها إلى توابع للحزب، وهنا يكون من الطبيعي أن تتحول مؤسسات الدولة إلى خوادم للحزب، ويتحول الإنسان اللبناني إلى ذبيحة رخيصة يضحي بها الحزب قرباناً لمن يقبع في قم أو طهران.