الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

أحبَّتي في لبنان.. أنتم «قيم البوصلة»

لبنان في الوجدان.. يَعْتصرني الحزن لما يحدث هذا الزمان، إذْ بالرغم من أننا اليوم نعيش في العصر الذهبي للإنسان، حيث لم يسبق أن كان هنالك الكثير من الخيارات والإمكانات القيمية، فقد وجدت في تجربتي الشخصية مع عناصر لبنانية في مجال عملي مفهوماً هو عندما نضع الإنسانية في المقام الأول سوف تبنى كل القيم العظيمة.

لقد شاء الله أن أخوض مسيرتي في عالم الإعلام في وسط لبناني، حيث كنت كالشامة في هذه البيئة المعافاة النزيهة والجميلة.

من اللبنانيين اكتسبت معنى عدم التنافس مع الآخرين، بل التنافس مع نفسك، من خلال تأطيرها وتطويرها إلى أقصى درجة ممكنة.. وجدت الاحتواء والعطاء منهم، ما أطلق يدي ومنحني الفرصة لكي أقدم ما أملك من مهارات، فقد كانوا يؤمنون بأن ما يمنح الفرد قدرة على أن يكون ماهراً، هو قدرته على الوثوق بما يؤمن به من أفكار وأخلاق، ذلك أن القيم الإنسانية تقوم على الجذر الأخلاقي المنبثق عن الفطرة والمتصل بالمعنى الإنساني للأخلاق، وهم كرسوا ذلك.


وبما أن القيم هي البوصلة التي تؤدي إلى المثالية الحقيقية، فإن من يملك اليوم قيماً إيجابية يمكنه التعامل معها بفاعلية، وقد وجدت تلك البوصلة لدى نفر من اللبنانيين، كان لهم تأثير عميق في بلورة ثقتي بما لدي من أفكار، ومنهم على سبيل المثال: «فادي إسماعيل»، و«نخلة الحاج»، و«جورج قرداحي»، و«أنطوان عون»، و«حبيب حمود» وغيرهم ممن قابلتهم خلال رحلتي الإعلامية في معظم القنوات التلفزيونية التي عملنا معاً فيها، فكانت تنساب منهم الإنسانية، أو هكذا رأيتهم.


لقد اتَّبعت مساراً واضحاً من خلالهم ألزمني بتلك القيم، التي أعطت حياتي ثراءً وتنوعاً في المعرفة والعلاقات الإنسانية والصداقات الممتدة بيني وبين العديد من الزملاء في لبنان، بمن فيهم «رولا جابر»، و«توفيق جبران»، و«مروان زعتر» و«جويس أبوصادر» و«جيسي طراد»، و«جورج سمعان» و«علاء مشروب» و«طالب كنعان»، و«ريما مكتبي» والروائية «نادية بوفياض»، و«غسان بودياب».. هؤلاء الأحباب متأنقون ومضيئون، نورانيو الألباب، ومعظمهم لديهم نظرة معرفية للسلوك الأخلاقي، مع التركيز على مفهوم أن فكرة الفرد عن نفسه أكثر أهمية من فكرة الناس عنه، وهو مقياس للثقة بالنفس.

ما وجدته من الصفات الحميدة، والجمال في الأخلاق وحسن المعشر مع هؤلاء الأصدقاء، يجعلني حزيناً على هذه المحنة التي ألمَّت ببيروت، قلبي معكم يا أحبَّتي في لبنان.