الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

إصرار على الندم المتكرر

دعم جماعات الإرهاب والتطرف، أو تلك الجماعات التي تتخذ من اسم «جماعات الإسلام السياسي» ستاراً لفظيّاً لها، هو نموذج للإصرار على تكرار الخطأ.

أحد النماذج للإصرار على العناد وتكرار الخطأ هو النموذج الأمريكي بدعم تجربة الإسلام السياسي بالسلاح والعتاد والأموال في أفغانستان، ثم تمكينه سياسياً بعد ذلك من الحكم في بعض الدول العربية، في أعقاب ما سمي بالربيع العربي.

ليس الأمريكان والغرب عموماً، هما من وقعوا في هذا الخطأ، بل هذا ما فعله الرئيس المصري الراحل أنور السادات عندما أراد مواجهة منافسيه السياسيين في ذلك الوقت من اليساريين والناصريين، فاستحضر قوى الإسلام السياسي المتمثلة وقتها في جماعة الإخوان المسلمين، التي كانت قياداتها ما بين هاربة ومسجونة فأعادها وأخرجها واستغلها في مواجهته السياسية أو هكذا تصوّر.


ولم يقف به الأمر عند هذا الحد، بل خلق الجماعة الإسلامية في الجامعات للهدف ذاته فظهرت مدعومة بأمن النظام وحمايته ودعمه السياسي، ولم يدرك السادات وقتها خطورة ما قام به، أو لعله أدرك ذلك في لحظاته الأخيرة وهو يعاني آلام الرصاص الذي أطلق عليه.


أما تجربة تنظيم القاعدة فهي الأكثر دلالة على المستوى العالمي، فالقاعدة هي منظمة وحركة متعددة الجنسيات، أسهمت في إنشائها أمريكا لمحاربة الشيوعيين في الحرب السوفيتية في أفغانستان، دعم الولايات المتحدة وحلفائها كان واضحاً، حيث كانت تنظر إلى الصراع الدائر في أفغانستان بين الشيوعيين والأفغان المتحالفين مع القوات السوفيتية من جهة والأفغان المجاهدين من جهة أخرى، على أنه يمثل حالة صارخة من التوسع والعدوان السوفيتي، أو هكذا سوقت الموقف أمام العالم وخاصة بين حلفائها الذين تولوا عنها عملية التمويل والتجنيد.

في الوقت نفسه، تزايدت أعداد العرب المجاهدين المنضمين إلى القاعدة للجهاد ـ كما يعتقدون - ضد النظام الماركسي الأفغاني، بمساعدة من المنظمات الإسلامية الدولية، وتبرعت حكومات ومؤسسات وأشخاص بمئات الملايين معتقدة أنها تناصر الإسلام، ولم تدرك أنها مجرد ممول لصنيعة أمريكية، والمشكلة أن بعضها لا يزال غير مدرك لذلك، وقد دفعت أمريكا نفسها الثمن عدة مرات.

لا تزال هناك جهات لم تتعلم الدرس وتقع في خطيئة التكرار، والخشية ألا تدرك خطأ دعم مثل هذه الجماعات إلا بعد فوات الأوان.