السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

الفساد.. ينقلب على أصحابه

الفساد هو استغلال السلطة والنفوذ لأغراض شخصية كالحصول على أموال أو امتيازات غير مشروعة، فهو هادم الأوطان ومخرب العمران.. دمّر لبنان وأيأس شعبها وأسقط حكومتها تحت الضغط الشعبي؛ وأطاح بالحكومة الموريتانية بعد سنة من تشكيلها بعد تحقيق برلماني، وشلّ الحكومة التونسية حتى توارت واختفت، وأسقط زمرة النظام القديم في الجزائر وأودع رموزه الكبار في السجن بتأثير الحراك الشعبي، وجوّع الشعب العراقي وأسقط حكومته بضغط الشارع، وكاد يمزق السودان ويحيله إلى دولة فاشلة.

فساد المسؤولين يفسد المجتمع أيضاً، لأن هذا الأخير يصبح غير قادر على الوصول إلى حقوقه إلا بالرشوة، فالحقوق في ظل الحكومات الفاسدة تتحول إلى امتيازات للمسؤولين وسلع تباع، فتصبح بذلك حكراً على الأغنياء، ويحرم منها الفقراء لأنهم لا يستطيعون دفع المال للحصول عليها، بل إن المساعدات والخدمات الموجهة للفئات الفقيرة تذهب إلى الأغنياء لأنهم القادرون على دفع الرشاوى، بينما يحرم منها مستحقوها لعجزهم عن شرائها، ولا يساعد الفساد في الحصول على الحقوق والخدمات العادية فقط، ولكنه أيضاً يوصل إلى أمور خطرة على المجتمع مثل تبييض الأموال، وتهريب المجرمين والمخدرات والأسلحة.

والفساد أنواع، فمنه الفساد العادي ـ إن جاز التعبير ـ وهو الذي يتورط فيه مسؤولون لجني مكاسب مالية أو امتيازات شخصية، لكن هناك نوع من الفساد يصل إلى درجة الخيانة الوطنية، ومن أمثلته ما وصلت إليه لجنة تحقيق برلمانية موريتانية مؤخراً من تلاعب ممنهج بالصفقات العامة، والمال العام، والعقارات العامة، وشبهات فساد أخرى في عهد الرئيس السابق محمد ولد عبدالعزيز، وهي أمور قيد التحقيق الجنائي الآن.


ومن أمثلته أيضاً حادثة انفجار بيروت الذي دمر ثلث المدينة، سببه المباشر هو اشتعال كميات ضخمة من نترات الأمونيوم خزنت في ميناء بيروت بطريقة غير سليمة لسنوات متتالية، لكن سببه العميق هو الفساد، ولذلك السبب لم تتخذ الحكومة اللبنانية الإجراءات اللازمة لإزالة تلك المواد، رغم التحذيرات المتكررة من السلطات الإدارية المباشرة، كإدارتي الميناء والجمارك، فهذا الانفجار المروع نموذج للفساد الكبير الذي يدمر المجتمعات، ويلتهم جهود التنمية في دولنا، ويصيب الشعوب بالإحباط، لذلك ليس بالمستغرب أن يطالب بعض اللبنانيين بفرض وصاية دولية على لبنان أو بعودة الانتداب الفرنسي إليها!