الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

تركيا وروسيا.. وتأهيل الأسد

كان من أهداف التدخل العسكري الروسي في سوريا عام 2015 القضاء على المعارضة العسكرية السورية، فاستخدمت روسيا الطائرات الحربية المتقدمة، واستخدمت صواريخها الباليستية المجنحة لضرب أهدافها في سوريا من الأراضي الروسية عبر الأجواء الإيرانية وغيرها، وأقامت قواعدها العسكرية في حميميم بعد طرطوس، وجلبت الجنود الروس إلى سوريا لحماية هذه القواعد والقيام بحروب برية إذا استدعى الأمر، فتمكنت من تحقيق بعض أهدافها العسكرية، التي ارتأت أنها ضرورية لإمساك روسيا بمقاليد الأمور العسكرية في سوريا أولاً، وفرض رؤيتها السياسية ثانياً، والهيمنة على سوريا والمنطقة بمنطق الاستعمار الاقتصادي ثالثاً، ولكن نجاحها السياسي لم يكن بمستوى نجاحها العسكري، وإن جاء متأخراً عن موعده المرسوم من وزارة الدفاع الروسية بسنوات، وليس بأشهر فقط.

هذا العجز السياسي الروسي كاد يطيح بالإنجازات العسكرية من وجهة نظر روسية، وأدركت روسيا أن الجيش الإيراني وميليشياته عاجزان عن تحويل الإنجازات العسكرية الروسية إلى مكتسبات سياسية، يتم من خلالها جمع أطراف وهمية لتمثيل المعارضة السورية في مؤتمرات سياسية تتزعمها الرؤية الروسية لإنهاء الصراع في سوريا، فذهبت كل مؤتمرات الهيمنة الروسية السياسية التي انعقدت في روسيا عام 2016 و2017 أدراج الرياح، ولم تستطع منصات القاهرة إنقاذها أيضاً، فاضطرت السياسة الروسية لتجربة الخيار التركي، فوجدت لدى تركيا قابلية للمساعدة ولكن بشروط تطالب بضم كافة قوى المعارضة السورية الحقيقية إلى مؤتمرات وقف إطلاق النار أولاً، ومؤتمرات خفض التصعيد ثانياً، والبحث عن مستقبل سياسي للنظام السوري بإشراف دولي قابل لتجاوز بشار الأسد من الرئاسة، بوضع دستور جديد ثالثاً، ومن ثم الشروع في بناء إعمار سوريا اقتصادياً، بمساعدات دولية سخية تجعل روسيا صاحبة الامتياز الأكبر اقتصادياً.

وجاء 2018 بقانون يضع شروط المساعدات وعقوباتها لسوريا من الكونغرس الأمريكي باسم قانون قيصر، والهدف منه قطع الطريق على المشروع الروسي لتأهيل الأسد لقيادة مشاريع إعمار سوريا، وهنا وجدت روسيا أن تركيا عاجزة عن مساعدتها في تأهيل الأسد بالرغم من موافقة روسيا على الرؤية التركية بتأهيل المعارضة السورية السياسية للجلوس على طاولة المفاوضات لمستقبل سوريا.


روسيا وتركيا اليوم في ورطة العجز عن مواصلة الحل السياسي في سوريا، وهذا يعني تأخر روسيا عن تسديد فواتير الأموال التي صرفتها في سوريا، بما فيها الكلفة العسكرية، فأصبحت روسيا في ورطة التعاون مع تركيا في سوريا دون قدرتهما على دفع العملية السياسية إلى الأمام، وهما يجدان قانون قيصر سيفاً مسلطاً عليهما وعلى غيرهما.