الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

مركزية الدولة المصرية.. إلى أين؟

منذ سنوات بعيدة، والعاصمة هي مركز الحياة في مصر.. هي كالشمس التي تدور حولها الكواكب، وهي أيضاً رابطة العقد، ومركز الكون بالنسبة للمصريين جميعاً.

وقياساً على هذا، فإن الدولة حافظت على مركزيّتها طوال هذا الوقت، بل رسَّخت الفكرة لدى أصحاب السلطة والرأي، وكذلك لدى أصحاب القيل والقال، ولدى جموع الشعب، الذي أسهم بدوره في ترسيخ فكرة المركزية.

وعلى فترات متباعدة تخرج مجموعة من الناس، سواء من داخل السلطة أو من خارجها ترفع شعار «اللامركزية»، وكنت دائماً من غير المقتنعين بتطبيق هذا المفهوم على الأرض في مصر، تلك الدولة التي خلقت مركزية وعاشت مركزية السلطة طوال آلاف السنين، وذلك لصعوبة تطبيقها.


فالسلطة المركزية ليست سوى تعبير عن مركزية شخصية الدولة المصرية، وليس مستغرباً أن نلمس نفس الروح والنفس اللذين سادا أوساط الدولة في مصر عبر تاريخها، كذلك ليس غريباً أن تتكرر نماذج من شخصيات سادت من قبل، سواء سياسيون أو رجال الأعمال، ما اختلف فقط هو المظهر، لكن المضمون هو ذاته.


أيضاً ليس مستغرباً تلك الحركات البهلوانية، التي يقوم بها البعض بالانتقال بتميز ملحوظ في القدرات البهلوانية من اتجاه إلى آخر.. كل ذلك متوقعاً، قد تكون درجة التحول وسرعة الهرولة أكثر من استيعابها، ولكن في النهاية يظل سلوكاً متوقعاً.

ويظل السؤال: هل يمكن لمصر أن تخرج من أَسْر استمرار ورثة السلطة المركزية على مر آلاف السنيين حتى الآن؟

من الممكن أن يحدث ذلك، ولكن إذا فهم الجميع، حكاماً ومحكومين، أن السلطة ليست هي محور الكون، وليست هي الشمس التي تدور حولها الكواكب، فقط هي جزء أصيل من نسيج أكبر اسمه الدولة، كذلك الشعب لا بد أن يُدرك أنه ليس هذا الشيء المنتظر دائماً لحركة السلطة ولقراراتها، بل لا بد له أن يعمل ويكون فاعلاً في حركة دوران التاريخ والجغرافيا.

من الممكن أن تنتهي المركزية إذا آمن الجميع أن الدولة ملك لنا جميعاً، وأن البناء هو مشروع يشترك فيه الكل بقدر مسؤولياته.

نعم، الآن توجد محاولات جادة للقضاء على المركزية، ونعم سندعو جميعاً باستمرارها، ولكن هل نستطيع فهمها أولاً، والإيمان بها ثانياً؟ أتمنّى.