الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

من يصنع الفرعون؟

توقّع الرسام الأمريكي «آندي وورهول» في أواخر الستينات ظهور (شكل إعلامي جديد) يوفر للشخص العادي حلم الشهرة السريع خلال 15 دقيقة، ورغم أنه في الستينات لم تكن وسائل الإعلام واسعة الانتشار، ولكن بعد 50 عاماً تحقق توقّعه عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، التي مكنت أي شخص من أن يكون مشهوراً خلال فترة وجيزة.

وتذكر الإحصاءات أن معدل دخول الأفراد إلى موقع فيسبوك نحو مليون دخول في الدقيقة الواحدة، مقابل 46 ألف صورة يتم تنزيلها على إنستغرام، و452 ألف تغريدة على تويتر، ونحو 4 ملايين مشاهدة على يوتيوب، وكل هذا النشاط سمح للكثيرين بأن يصبحوا من المشاهير، بعضهم يقدم محتوى جاداً ومفيداً والبعض الآخر يقدم محتوى فارغاً.

كثيراً ما نسمع عن مشاهير يتقدمهم لقب سفير المشاعر وسفيرة المحبة وسفير الشباب وسفيرة الأعمال، هذا غير سفير المطاعم وسفير الخصومات، وكل هذه الألقاب غير رسمية وأصحابها هم من يطلقونها على أنفسهم لإعطاء أنفسهم (ميزة خاصة)، والسؤال: لماذا؟.. كنت في معرض تجاري شهير مع مجموعة من رجال الأعمال والمسؤولين الحكوميين، وفجأة دخل علينا فاشينيستا (راعي سوالف وعلوم) فتسابق الجميع للتصور معه وإعطائه لقاءات حصرية، وهو في الأساس موظف بسيط في مؤسسة ما، ولكنهم يعلمون أن هناك (جمهوراً غفيراً يتابعه)، فهي فرصة لهم (لاستغلال) شهرته لإرسال رسائلهم، وفي مقابل ذلك كان هناك رجل من رجالات الدولة (الخادمين للوطن بصمت) ولم ينتبه له أحد من الحاضرين، وبعد موضوع كورونا تصدر هو وأمثاله الخطوط الأولى، لحماية البلاد والعباد، وتراجع هؤلاء الأبطال المزيفون لفترة حتى انتهاء الخطر وبعدها يعودون من جديد.


مشاهير سوشيال ميديا ناس عاديون مثلنا، ولكن نحن من جعلنا لهم شهرة وقيمة، وهم أعجبتهم اللعبة وأصبحوا يقدمون لنا كل ما لذ وطاب من قصص وإيحاءات ورغبات تدغدغ مشاعرنا كل على حسب مجاله وتخصصه، فنرفعهم إلى أعلى قمة الهرم المجتمعي ليصبحوا أهم من الطبيب والجندي والمعلم، وعندما ينفضحون نسقطهم من حساباتنا.


للأسف نحن كمجتمعات من نصنع البقرة «المقدسة» ونسجد لها ونحن من نصنع الأصنام (هُبل واللات والعزى) بأيدينا ومتى ما جُعنا (أكلناها)، فيجب أن نلوم أنفسنا قبل أن نلومها، لأننا نحن من يصنع الفرعون.