السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

الجامعة العربية والأحداث الكبرى

مرّت علينا أحداث كثيرة هزّت أركان العالم العربي دولاً وحُكَّاماً وشعوباً، وفي كل هذه الأحداث، غابت جامعة الدول العربية ولم يشعر بها أحد.

تاريخ طويل من الغياب رغم كل الجهود التي قام بها اثنان من أكبر رموز الدبلوماسية العربية: عمرو موسى، وأحمد أبوالغيط، ولكن للأسف الشديد غاب دورها وظهر بوضوح في الأحداث الأخيرة.

ومنذ الاحتلال الأمريكي للعراق لم نسمع صوتاً للجامعة، وبعد ذلك دارت الأحداث الدامية في سوريا، وتدخَّلت أطراف دولية كثيرة وقوات أجنبية، ودارت المعارك بين أبناء الشعب الواحد وغابت جامعة الدول العربية!


ورغم وجود عشرات الاتفاقات بين الدول الأعضاء في الجامعة، لم تُطبَّق اتفاقية واحدة، وعندما اشتعلت الحرب الأهلية في ليبيا وتدخَّلت قوات حلف الناتو غابت الجامعة تماماً، بل إن دروها السلبي في أحداث ليبيا كان له آثار سيئة على كل المستويات.


غابت جامعة الدول العربية، وفرَّطت في مسؤولياتها في كل القضايا والأحداث التي عاشها العالم العربي في السنوات الأخيرة، لقد اختفى دورها تماماً في كارثة اليمن وما عاناه الشعب اليمني من كوارث الحرب الأهلية.

إن الأخطر من ذلك كله هو موقف الجامعة من الجيوش والقوات الأجنبية التي اقتحمت الأرض العربية، فإيران لم تُهدِّد دول الخليج فقط ولكنها احتلت اليمن، وتحارب الآن في سوريا والعراق ولبنان، ولم يكن غريباً أن تقيم روسيا قواعد عسكرية في سوريا، وأن تتسلل إلى ليبيا ثم تحتل تركيا الأراضي الليبية وتقيم القواعد فيها.

لقد غابت الجامعة في كل هذه الأحداث، واكتفت ببيانات الإدانة والشجب.. فهل يُعقل أن تتم جميع الاتفاقات حول الأراضي العربية المحتلة دون مشاركة من جامعة الدول العربية، أمريكا وإيران في العراق، وتركيا في سوريا والعراق، وروسيا في ليبيا وسوريا.. كما أن لبنان على مشارف كوارث إنسانية وسياسية واقتصادية ولا يجد دعماً من أحد.. فأين جامعة الدول العربية؟

نأتى بعد ذلك إلى كارثة قطر والانقسامات التي كانت سبباً فيها في انقسام الصف العربي، ودخول القوى الأجنبية وإقامة القواعد العسكرية وتمويل الإرهاب.. إن دور قطر في تهديد أمن دول الخليج والدول العربية لا يمكن السكوت عليه وكان ينبغي أن يكون للجامعة العربية دور في وقف هذه السياسات المجنونة من دولة لا تعي مسؤوليتها.

الخلاصة عندي، أنّ غياب جامعة الدول العربية في هذه الظروف التاريخية الصعبة كان له نتائج سيئة، ولا بد من وقفة تُراجع فيها الشعوب، وليس الحكومات فقط، موقف الجامعة العربية.. وهل يحتاج الأمر إلى بديل؟

إنّ هناك كثيراً من عقلاء هذه الأمة حائرون أمام أداء جامعة الدول العربية لغيابها الكامل عن الساحة.. قوات أجنبية ومؤامرات داخلية وخارجية وأزمات تُحاصر الشعوب من كل جانب، والسؤال الذي يُطرح: ما جدوى وجود الجامعة العربية دون أن تجمع؟!