الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

أردوغان.. وسياسية «الصفر أصدقاء»

انتقاد سياسة الحكومات أياً تكن، لا يعني بالضرورة فشلها بنظر منتقديها، على العكس تماماً، فقد يكون هذا النقد بنّاء ويصلح الحكم والحاكم، لكن هذا لا ينطبق على «تركيا أردوغان»، فالرجل أذنه صماء وعينه لا ترى سوى من يصفق لسياسته.

عندما يصل الحال بمن يعارضون سياسية الرئيس التركي لوصف سلوكه مع الآخرين بالمجازفات شديدة الخطورة، فهذا يعني أن الرجل يهرول ببلاده نحو الهاوية، وهذا الاعتراض لم يكن من شخصية عابرة، بل من شريك أردوغان السياسي ووزير خارجيته ورئيس وزرائه الأسبق «أحمد داوود أوغلو» صاحب استراتيجية «صفر مشاكل» والجالس، اليوم، في الضفة الأخرى، رافعاً الصوت بأن سياسية الإقصاء ستُدخل تركيا في مزيد من الصدامات مع جيرانها.

قد لا يأخذ البعض كلام «أوغلو» على محمل النفع العام لتركيا بقدر بحثه عن موطئ قدمٍ له في مستقبل تركيا، خاصة بعد استقالته من «حزب العدالة والتنمية» منذ عام وأكثر، وتأسيسه حزب المستقبل، ويمكن تبويب اعتراضاته، على كثرتها، بعاملين بارزين على الأقل.


العامل الأول: قلة خبرة الرئيس التركي السياسية رغم تدرجه في المناصب وهذا ما تثبته التصرفات التي يأتي بها شكلاً ومضموناً، وإلا ماذا يعني انسحاب أردوغان في 2009 من حوار حول السلام في الشرق الأوسط برفقة الرئيس الإسرائيلي «شيمون بيريز» على هامش مؤتمر «دافوس» الاقتصادي، نصرة للقضية الفلسطينية، أو ما يدعيه هو على الأقل، وإرساله وزير خارجيته آنذاك «أحمد داوود أوغلو» للاعتذار وطلب رضى الجانب الإسرائيلي من الأبواب الخلفية.


العامل الثاني: هو الحكم بالمفهوم الأيديولوجي لا السياسي، بمعنى أن الرئيس التركي يدير شؤون بلاده ويأخذ منعكس سياسته فقط من محازبيه، فلا يسمع لصوت الآخرين ولا يهمه إن كان الشعب برمته راضياً أم لا، الأمر الذي باعد كثيراً ما بين الرئيس وشعبه، وجعله يخوض أكثر في طين المديح الزائد، فبات يخاطب الداخل التركي وكذلك الخارج بعباءة «الخليفة» نفسها، اللقب الذي يسمعه أردوغان في اليوم مرات عدة ويطرب لذلك.

لا شك ثمة جملة أسباب أخرى جعلت الرئيس التركي في مرمى الانتقاد الحاد من الداخل التركي والخارج، ولكن «قلة الخبرة السياسية» و«الحكم وفقاً لمقتضيات الأيديولوجية» هما العاملان الأشد خطورة على مستقبل أردوغان السياسي، وإذا استمر على هذه الحال، فسيصل ببلاده إلى «صفر أصدقاء».