الخميس - 09 مايو 2024
الخميس - 09 مايو 2024

ذكاء التعامل مع المتغيرات

التغيرات التي حدثت في منطقتنا العربية خلال السنوات الأخيرة، وضعت الأنظمة وأجهزتها الإعلامية أمام سؤال اختبار مهم هو:«كيف يمكن لها أن تتعايش مع تلك المتغيرات الجديدة، ثم أن الأنظمة لها رجالها، ولها توازناتها.. فماذا عن الأجهزة الإعلامية؟

الإجابة ستكون بسيطة لو أدركت تلك الأنظمة المبدأ القائل: إن «لكل زمن رجاله، ولكل عصر أسلوبه».

المبدأ السابق هو المفتاح الحقيقي لفك شيفرة التعامل مع المتغيرات كافة، والتي وضعت أمام القائمين على عملية الاتصال بالجماهير عملاً شاقاً مضنياً، يُضاف إلى جملة الأعباء المثقلة على كواهلهم، وبذلك زادت القيود التي عاشت فيها وسائل الإعلام طوال عقود مضت.. تلك القيود التي ما زالت تقوم بفعلها السلبي المربك.


أنا هنا لا أدعو الأنظمة إلى التخلص من وسائل إعلامها، بل إلى محاولة الفرز بين من يصلح ومن لا يصلح، أو بمعنى أدق أدعو إلى إعلام ذكي يستطيع أن يكون داعماً وسنداً قوياً وحقيقياً للمجتمع وللنظام، في إرساء قواعد صحية لعلاقة المواطن بالدولة والدولة بالمواطن، وقبل كل ذلك أن يتخلص من عيوبه وأزماته التي يعاني منها.


ما أدعو له ليس مستحيل التطبيق، ولكنه ممكن في ظل شروط عدة من بينها: صدق الرغبة والإرادة لدى الأنظمة في استعادة جماهيرها، وصدق وقدرة القائمين على هذه الأجهزة الإعلامية في لعب هذا الدور المهم.

الجماهير أيضاً اختلفت، فالذي كان يقبل بإسقاط عشرات الطائرات الإسرائيلية في حرب 1967، وبعصور الرخاء والازدهار والإنجازات في السبعينات وما تلاها، صار مختلفاً.. أصبح مدققاً متفحصاً.. انفتحت عليه السماوات الإعلاميّة، وتساقطت عليه الأخبار والتحليلات من كل فج وصوب.

والجماهير التي كانت تقبل في مرحلة سابقة ما يقدم لها من سياسات وإعلام، لم تعد الجماهير ذاتها.. ربما يكون الأشخاص هم أنفسهم، ولكن قبولهم اختلف، واضطرارهم للقبول بما هو مطروح أو مفروض عليهم لم يعد موجوداً.

الإعلام الذكي هو الذي يعكس بحق صورة المجتمع وصورة الوطن.. هو الذي يفتح المجال أمام القوى السياسية والمجتمعية لكي تكون حاضرة ومعبرة عن رأيها ومواقفها في حدود القواعد الأساسية التي يتوافق عليها المجتمع.. هو المعبر عن لغة الشارع التي يعرفها جيداً المواطن، وهو الإعلام الذي يلعب دور التواصل بين أطياف المجتمع كافة.

أدعو إلى إعلام ذكي يستطيع إرساء قواعد صحية لعلاقة المواطن بالدولة والدولة بالمواطن.