الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

اتفاق أوسلو في مهب الريح

ذكرت أخبار متداولة أن مراسم الاحتفال بتوقيع اتفاق تطبيع العلاقات بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل سوف تتم في 15 سبتمبر الجاري في البيت الأبيض، وينص الاتفاق على تأسيس علاقات دبلوماسية كاملة بين البلدين، وبذلك، سوف تصبح الإمارات ثالث دولة عربية تقوم بتطبيع علاقاتها مع دولة إسرائيل.

وكانت الأردن آخر دولة عربية تقيم علاقات دبلوماسية معها منذ عام 1994 بعد أن قامت مصر بالمبادرة الأولى في هذا الشأن عام 1978، وقررت الأردن اعتماد هذه الخطوة بعد توقيع اتفاقية أوسلو في البيت الأبيض عام 1993. وكان من نتيجة تلك الاتفاقية تأسيس السلطة الفلسطينية ذات الصلاحيات المحدودة لحكم بعض أجزاء من الضفة الغربية وقطاع غزة.

وبناء على الاتفاقية، كان من المنتظر أن يتم إنشاء دولة فلسطينية ذات سيادة بعد استكمال «عملية السلام»، وقبول العيش المشترك مع الإسرائيليين جنباً إلى جنب في دولتين منفصلتين على أساس قراري مجلس الأمن 242 و338.


وأصبحت الحال التي آلت إليها اتفاقية أوسلو تصلح لأن تمثل نموذجاً لإعطاء فكرة عن طبيعة الصراع في الشرق الأوسط، ومدى تعقيده، وكان الحديث عن حل الدولتين بمثابة التعويذة التي يجب تلاوتها وتكرارها عند مواجهة أي صعوبة في حل هذه المشكلة المستعصية.


ولا تزال عملية السلام متوقفة تماماً منذ 27 عاماً، بدون أن تشهد أي تطور يذكر، وهذه المدة تُعد طويلة بما يكفي لتغير الأجيال، ودفع الاتفاق ومعه عملية السلام برمتها إلى التآكل.

والآن، تأتي المبادرة الإماراتية لإقامة علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل لتغيّر هذا الواقع، ومن دون انتظار اتفاق الطرفين على الوضع النهائي وتنفيذه، وربما يمثل هذا الإجراء مقدمة مهمة لحدوث تغيير أساسي في هيكل الصراع كله.

ويمكن القول على أقل تقدير، إن الدول الآسيوية الصناعية التي تعتمد بشكل شبه تام على المصادر النفطية الخليجية، لم تعد تشعر بالخوف من تكرار «الصدمات النفطية»، التي كانت تحدث نتيجة الصراع العربي- الإسرائيلي، وربما لا تتكرر تلك الصدمات التي لحقت بالدول الآسيوية منذ فترة طويلة.

ولا شك أن هناك جيلاً كاملاً داخل وخارج فلسطين وإسرائيل لا يزال يؤمن بحل الدولتين، الذي يبدو وكأن الأحداث والتطورات قد تجاوزته، وانتهى أمره تماماً.

ويشهد الوضع على الأرض الفلسطينية تغيراً جذرياً بسبب التطورات، التي طرأت على البنى التحتية والإنشاءات الاستيطانية الإسرائيلية، والآن بات من الصعوبة بمكان إعادة رسم خطوط الفصل بين حدود الدولتين المقترحتين أو تمييزهما عن بعضهما جغرافياً، وربما يحتاج الأمر إلى أسلوب إبداعي جديد للبحث عن حلول لا يبدو أن أحداً اقترحها أو فكر بعرضها من أجل الاقتناع بها.

ويمكن القول بكل وضوح: إن مهمة إيجاد حل لهذه القضية المعقدة في ظل هذا الموقف السياسي الصعب قد فشلت تماماً، وربما أصبحت من المهمات التي ستتكفل بها الأجيال المقبلة.