الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

سوريا.. لحظة الحقيقة

لا يمكن النظر بعين الاستغراب إلى حجم الوفد الروسي الذي زار سوريا مؤخراً، لأن العلاقة بين موسكو ودمشق لا يحدها شكلٌ ولا مضمون، فالدولتان ترتبطان بعلاقاتٍ مميزة وبحلف استراتيجي يستثمر فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أفضل الوجوه، إذ استطاع الرجل العودة ببلاده إلى القطبية الثنائية مع الولايات المتحدة عقب انهيار الاتحاد السوفياتي.

في واقع الأمر يمكن القول بأن ما حمله «عَضَوَات» روسيا للرئيس السوري «بشار الأسد» هو مواصلة الدعم ولكنْ يجب دفع الثمن؟

نعم هذه المرة الدعم الروسي مشروط، فما وصلت إليه حالة الجمود في القضية السورية ما عاد يمكن تحمله، فلا السوريون قادرون على ذلك ولا داعموهم ولا سيما روسيا المعاقَبة اقتصادياً، والتي أرسلَتْ حكومَتَها شبهَ كاملةٍ لإقناع حليفتها السورية بأن الحل المستقبلي لن يكون إلا بفك ارتباط دمشق بطهران وإن على مراحل، وفسح المجال أمام روسيا لتلعب دوراً أكبر أمام الدول العربية وإقناعها بفك العزلة عن سوريا، وكذلك التفاهم مع الولايات المتحدة فيما يخصُ قانون «قيصر»، ومسألة إعادة الإعمار.


نستطيع القول، إنه وعلى الرغم من حصول الروس على مزيد من الامتيازات الاقتصادية مع الجانب السوري ليس آخرها توقيع نحو 40 اتفاقيةً إضافةً إلى استثمار مرفأ طرطوس مدة 50 عاماً، إلا أنها لن تتمكن من المضي بهذه السياسة فيما يخص الملف السوري أكثر من هذا الوقت، لذلك باتت الحاجة ملحةً من الناحية الاقتصادية لإدارة «بوتين» إلى التفاهم مع الجانب الأميركي الموجود في مناطق ذات أهمية كبيرة لكل الأطراف الداخلية منها والخارجية، وهي التي تعد منبع الطاقة وسلة سوريا الغذائية.


المطلوبُ الآن وعلى وجه السرعة، إرضاء «واشنطن» من خلال إقناع «موسكو» حليفتَها الحكومةَ السورية بالموافقة على دستورٍ ينص على سوريا فيدرالية، حيث يمكنُ للكرد التحرك بهامشٍ أكبر في المناطق التي يسيطرون عليها، وبخاصة في الملف الاقتصادي، بحيث يكون بمقدور السلطة المحلية عقد اتفاقيات لا تحتاج موافقة المركز، ومنها التنقيب عن النفط واستثماره، والذي سيذهب للشركات الأميركية، وهنا يكون العامل الاقتصادي مهماً ومرضياً، وتكون بهذا «روسيا» سيطرت على سوريا المفيدة و«أميركا» على شرق الفرات بالتعاون مع الكرد، وبذلك تتقاسم الدولتان الكبريان النفوذ على الأرض السورية مع ترك بعض الفتات للاعبين الآخرين.

وعندها تكون سوريا وصلت إلى لحظة الحقيقة التي لا يشتهي كثيرٌ من السوريين سماعها وهي: إن بلادهم

ما عادت ملكاً لهم.