الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

تداعيات فيروس كورونا

أصبح فيروس كورونا يشكل تحدياً عالمياً كبيراً للبشرية جمعاء، وهو الذي غيّر بين عشية وضحاها الإيقاع المعتاد للحياة اليومية لمليارات البشر، ولعب دور عامل الاختبار لقوة العلاقات الدولية وآليات وميكانيزمات الحوكمة الدولية وخاصة منظمة الأمم المتحدة، وما يزيد الوضع تعقيداً أن الوباء تفاقم بسبب عدد من المشكلات المزمنة، من أهمها: الإرهاب وتهريب المخدرات والجرائم الإلكترونية السيبريانية، إلى جانب العديد من الأزمات والصراعات التي لم يتم حلها بعد.

ولسوء الحظ، يكون علينا أن نعترف بأن الحاجة الماسّة لمكافحة فيروس «كوفيد-19» لم تؤدِّ حتى الآن إلى توطيد علاقات التعاون في المجتمع الدولي، ولم تقضِ على التناقضات المعروفة بين الدول، والأكثر من هذا هو أن الدول الغربية تسعى لاستخدام الوضع الوبائي الصعب لتعزيز مصالحها الآنية أو تسوية الحسابات مع الحكومات غير المرغوب فيها، أو الانتقام من المنافسين السياسيين والاقتصاديين التقليديين.

ونحن نرى كيف يتواصل فرض العقوبات غير الشرعية من جانب واحد على بعض الدول والكيانات، وهذا بحد ذاته يُعد انتهاكاً واضحاً لميثاق الأمم المتحدة، ونتيجة لذلك فإن النزاعات في العالم تتفاقم ويتزايد انعدام الثقة، وتتراجع القدرة على التعاون والتفاعل لحل القضايا الملحّة.


لقد أدى الوباء في نفس الوقت إلى إعادة تشكيل المشهد الجيوسياسي العالمي بشكل واضح، وأسهم في تشكيل نظام عالمي متعدد المراكز وأكثر شمولاً.


وفي الوقت ذاته، ازدادت الرغبة عند بعض الشعوب في تعزيز السيادة الوطنية، وأظهرت البلدان التي تتمتع بالاكتفاء الذاتي والقدرة الخاصة والفعالة على التعبئة الشعبية مقاومة أكبر لتداعيات هذا الظرف الصعب.

ويكون من الواضح أن الطبيعة البناءة لظاهرة تعدد الأقطاب لا يمكن توفيرها إلا من خلال الاعتماد غير المشروط على المبادئ والقواعد المعترف بها في القانون الدولي بشكل عام.

في وقتنا الراهن، هناك حاجة ماسَّة لتنسيق جهود المراكز العالمية الرئيسية مع دور التنسيق المركزي للأمم المتحدة، ولا بدّ من استبعاد كل أوجه الخلافات جانباً، وتوحيد الجهود من أجل التوصل إلى حلول قابلة للتطبيق للمشكلات الرئيسية، وتعزيز الأمن والاستقرار على الصعيدَين العالمي والإقليمي، والمبادرة المعروفة التي طرحها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تهدف لعقد اجتماع قمة للأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن الدولي، من أجل حل هذه المشاكل بشكل فعال، وأنا أشعر بالسعادة لأن رد فعل الشركاء كان إيجابياً، ونأمل أن يتم عقد اجتماع، وجهاً لوجه، في القمة عندما يسمح انحسار الوباء بذلك.