الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

علامات فارقة.. بين الحرب والسلام

أكتب هذه السطور على وقع إحياء الذكرى الـ19 لاعتداءات الـ11 من سبتمبر 2001، عارفاً بنشرها في «الرؤية» الغراء المبرمج أسبوعياً، الثلاثاء، الذي يصادف الـ15 من سبتمبر، يوم التوقيع على «اتفاقات إبراهيم» في واشنطن.

ثلاثة أيام تفصل بين الحدثين، وثلاث علامات فارقة بين الإرهاب والحرب والحوار والسلام.

شتان بين ظلامية مخططات الأشرار ورؤية وإرادة الأخيار، ولهذا باركت الأديان كافة صنّاع السلام الذين يحملون اسماً من أسماء الله جل جلاله.


العلامة الفارقة الأولى، تكمن في الأسس الروحية لكلا الخيارين، ما من عقيدة في الدنيا لا تؤمن بأن رب العالمين هو رب السلام، فما استخلفنا سوى لغايتين: تسبيحه وإعمار الأرض.


العلامة الثانية، هي النفس المطمئنة والعقل السوي، ما من عاقل لا يدرك أسبقية الأمن على ما سواه، والأمن بمفهومه الشامل يعني الأمن الغذائي من الجوع والأمن المعيشي من الخوف والحرمان، ليس الخوف فقط من زوال نِعم الأمن وإنما انسداد آفاق الأمل بغد أفضل.

لهذا نرى ملامح نمطية لمريدي الحرب الساعين إلى العدوان، ولأصحاب السلام الحريصين على إطفاء كل نار أشعلها طامع أو حاقد أو جاحد، جاحد بنعمة الله الأسمى، وهي الحياة والعيش في أمن وأمان.

أما العلامة الفارقة الثالثة، فهي سوء الظن مقابل اليقين، فمن أجمل الأدعية: «اللهم أسبغ علينا حرارة الإيمان وبرود اليقين».. دعاة السلام وصنّاعه أكثر يقيناً بعدالة قضيتهم، فالسلام كما الشمس قد نألف دفئها ونشكو أحياناً من حرارتها، لكننا لا نستطيع البقاء إن غابت يوماً عنا من مشرقنا.

مشاهد كثيرة تميز ذلك اليوم الذي غطت فيه سحب الكراهية والشر عاصمة المال في العالم، لكن تستوقفني صورتان: واحدة رصدتها الكاميرات وأخرى تخيلنا تفاصيلها استناداً لتسجيلات صوتية، وأبدأ بالأخيرة، حيث تمكّن ركاب الرحلة 93 من مقاومة الخاطفين، وهم عزّل، والحيلولة دون المضي في مخطط الإرهابيين لضرب مبنى الكونغرس (الكابيتول) حيث مقر مجلسي الشيوخ والنواب.

أما الصورة التي رصدها الإعلام، فكانت تلك اللحظة التي همس فيها كبير موظفي البيت الأبيض أندرو كارد في أذن الرئيس بوش (الابن) بـ«اصطدام» طائرة ركاب مدنيَّة بأحد برجَي مركز التجارة العالمية في نيويورك.

لا نريد لأي من قادة وشعوب العالم حالة الصدمة والأسى التي تلتها حروب، أوقعت أضعاف أضعاف الخسائر البشرية والمادية.

اليوم نقف جميعاً على مفترق طرق: إرهاب وحرب، أم أمن وأمان وسلام ورخاء «لنا ولهم»، فجميعنا عباد رب العالمين.