الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

ليبيا.. و«حوار بوزنيقة»

هل يفرج الحوار الليبي في «بوزنيقة» المغربية عن مقدمات حل الأزمة الليبية؟ سؤال حافظ على كل مبررات طرحه، رغم موجة التفاؤل التي هيمنت على التصريحات الليبية والإقليمية والدولية، ولعل فشل كل محطات الحوار السابقة في تدبّر سبيل لخروج ليبيا من أزمتها يمثل أكثر دواعي التساؤل رغم التفاؤل المشوب بحذر دولي مفهوم.

انسدت سبل الحوار الليبي، وتحولت الأزمة الليبية إلى صداع يؤرق العالم، ليس، فقط، لاعتبارات إنسانية، وإنما أيضاً لدواعٍ اقتصادية وأخرى تتصل بالهجرة، أرق أوروبا الدائم، على ذلك تسارعت التحركات الإقليمية والدولية لتذليل تعقيدات الأزمة في ليبيا.

واضح أن المشهد الليبي لم يعد يمتلك ترف إضاعة المزيد من الوقت والجهود والطاقات، وواضح أيضاً وجود قناعة دولية بضرورة تحريك التكلس الليبي، ما أنتج ضغطاً دولياً متعدد الأطراف والاتجاهات أفرز انطلاق حوار بوزنيقة.


القناعة الدولية بوجوب إحلال الاستقرار في ليبيا، ترتبت عن بُعدين أساسيين، الأول: اقتصادي متصل باستئناف ضخ النفط الليبي المتوقف منذ شهر يناير الماضي، أما الدافع الثاني: فيرتبط بقناعة أوروبية بأهمية الجغرافيا الليبية في الحد من موجة الهجرة غير الشرعية نحو السواحل الأوروبية.


تتقاطع الدوافع الدولية مع الأوضاع الداخلية الملتهبة، (من قبيل تصاعد الاحتجاجات في شرق البلاد وجنوبها، واستقالة حكومة عبدالله الثني، وإعلان فايز السراج عن رغبته في تسليم السلطة في أجل أقصاه نهاية أكتوبر المقبل)، وتتضافر مع انشغال دول الجوار بما تعد به الميادين الليبية من أخطار إرهابية قادمة ذات صلة بجحافل الإرهابيين والمرتزقة، الذين ألقت بهم تركيا في الأتون الليبي، ولذلك ازداد الوعي الدولي بضرورة إبطال القنبلة الليبية الموقوتة التي يمكن أن تنفجر في وجه المنطقة والعالم في أي لحظة.

تداخل كل هذه الأبعاد يمكن تلمّسه أولاً في التفاعلات المغربية والإقليمية والدولية مع مخرجات حوار بوزنيقة، ويتيح كذلك استشراف استعداد كل الفاعلين الليبيين على تقديم التنازلات، على أن ذلك لا يحجب تخوفات كثيرة من أن تكون مخرجات حوار بوزنيقة مجرد مسكنات لا ترتقي لأن تتحول إلى علاج دائم، تبعاً لأنها واردة من ضغط خارجي أكثر من كونها نابعة من اعتمال داخلي أو حسم شعبي.

بدأت الأزمة الليبية بتقاطع الحسابات الداخلية، واستعرت بالتدخلات الخارجية، وانسدت سبلها بتضافر المصالح الداخلية مع الولاءات الخارجية، ومع ذلك، فإن الآمال الشعبية الليبية تشرئب بأنظارها صوب ما يمكن أن يسفر عنه حوار بوزنيقة، الذي يختصر كل العجز الليبي، وكل الأدوار الخارجية.