الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

«سوريا».. أين المفرُّ؟

تعددت الأسباب والوجع واحد، سوريا تختنق ولا سلطة لأحد على إنقاذها، لا حكومة ولا معارضة، الشعب وحده يدفع ثمن عبث من يبحثون عن الحكم بوجه من يعتقدون أنهم الأصلح له، ودائرة الموت تتدافع حلقاتها لتصل إلى مدى لا قدرة للعقل البشري على قياس نصف قطرها.

مخطئ من يظن أن النار والبارود وصوت الرصاص ودوي المدافع وقصف الطائرات، هي أدوات الحرب فحسب.. لا البتة.

الحرب لا شكل محدداً لها ولا سلاح، فالرصاصة التي تخترق صدر الوطن قد تمكث سنوات طويلة، وعندها يبقى نزيف البلاد أكبر من أن يجد له أطباء السياسة علاجاً لإيقافه، كما يحدث حرفاً بحرف في القضية السورية.


حرب طاحنة لا تقل ضرواة عن تلك التي حصدت مئات الآلاف من الأرواح، لتكمل معركة المحروقات والدولار مشهد مأساة السوريين المحبين للحياة قبل استيطان غربان الموت بلادهم.


آخر فصول تجويع سوريا، ما هلّل له من يقولون إنهم سوريون «قانون قيصر»، الذي بدأ حيز التنفيذ في يونيو هذا العام، وهو الورقة الأخيرة - على ما يبدو - التي تستخدمها واشنطن ضد دمشق في معركتها الاقتصادية ضد «النظام».

المواطنون سيكونون أولى ضحايا هذه العقوبات، و«النظام» سيبقى هو ذاته، لن يتأثر قيد أنملة، والماضي القريب يثبت صحة أن العقوبات الاقتصادية الأمريكية على الأنظمة لا تسقطها، بل لا تزيد الشعوب إلا ذلاً وقهراً وحرماناً، ولعل العراق وفنزويلا خير مثال على ذلك.

لم يحرك أحد شيئاً لإنقاذ ما تبقى من سوريا، فالأمم المتحدة تلعب دور البطولة في مسلسل عذابات السوريين، وتكتفي بكونها عداداً يحصي أرقام الموتى واللاجئين ومن هم بحاجة لمساعدات، ووفقاً لتقاريرها فإن أكثر من 80% من السوريين تحت خط الفقر، وإن أسعار المواد الغذائية ارتفعت بمعدل 133% منذ مايو 2019.

واقع الحال الذي يعيشيه السوريون في الداخل والخارج أصعب بكثير من تلخيصه أو وصفه، ولا خلاص لهم إلا بالسعي الجاد للتسوية السياسية وفك الارتباط بالخارج، الحكومة تنزع من فوق رأسها «عمامة» إيران، والمعارضة تخلع «الطربوش» التركي وتكسر عصا واشنطن، وتقديم المتحاربين مزيداً من التنازل في سبيل الوطن الهائم على بحر من الأحزان واللوعة، وإلا ستجد الأطراف المتنازعة نفسها تتقاذف كرات الهواء على أرض رخوة مليئة برائحة دم لا يمكن لشجرة السلام أن تنبت فيها ثانية.