السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

الشرق الأوسط.. وأسئلة التطبيع

في السياسة ليست هناك أسئلة حادة فكل شيء قابل للتفسير والتغيير، ولكن الاختلاف يقف فقط أمام بوابات الدول ومساحاتها الاستراتيجية، وإذ نظرنا إلى التاريخ العربي فيما يخص التطبيع فسوف نجد أن التطبيع عملية ليست مستحدثة فهي موجودة منذ 4 عقود، وقد وُصفت أول عملية تطبيع بين العرب والإسرائيليين بأنها عملية اختراق دبلوماسي لتعزيز السلام في المنطقة، وهذا ما يطرح أسئلة مهمة حول مستويات السلام.

بداية، هناك سؤال كبيرعن ماهية السلام وكيفية تناوله باستمرار ولكنه لم يتطلب التفسير، فالسلام مستويان، الأول: يخص الأرض التي يعيش عليها كل من الفلسطينيين والإسرائيليين، أما المستوى الثاني، فهو السلام الشامل بين الأنظمة العربية وبين إسرائيل، ومن الطبيعي أن يكون أحدهما نتيجة للآخر، بمعنى إذا حدث سلام على الأرض سيحدث سلام مع الجيران بشكل تلقائي، وقد يكون العكس صحيحاً أيضاً.

ولكن الجديد في الأمر يقول إنه ماذا عن المسار الثاني الذي يطرح عملية السلام عبر اتجاه مختلف، كأن يكون السلام مع الجيران القريبين والبعيدين سبباً في تحقيق السلام على الأرض، ولكي نطرح هذه المجادلة بصورة واضحة علينا أن نتذكر أن 7 عقود كانت تفترض أنه لا يمكن للسلام أن يأتي إلا من خلال المستوى الأول أي يحدث سلام على الأرض ثم ينتقل إلى الجيران، اليوم هناك مجادلة مختلفة فقد تكون القوة المطلوبة لصنع السلام بأيدينا وبأقل التكاليف.


إذا كانت هناك جدية من الجانب العربي كله في صنع السلام، فليقبل العالم العربي بدوله بالتطبيع ويستثمره لصالحه، ولعلّ من الخطأ الإيمان بأن التفوق سوف يكون لصالح إسرائيل التي جربت القوة وحصلت عليها من حلفائها، ولكن العلاقات الثقافية والاقتصادية لن تمنح إسرائيل تلك الفرصة، العرب تاريخياً مؤثرون في أي مجتمع يخالطهم وقد ينبّئنا المستقبل أن مسار التطبيع هو المسار الذي سوف يقدم الحلول على الأرض، وخاصة عندما تدرك إسرائيل في مرحلة معينة أنها تقع تحت وطأة حاجاتها الاقتصادية والسياسية والثقافية للعالم العربي.


ثمن التطبيع يجب أن يكون كبيراً مهما كان، وحق الفلسطينيين إذا ما فقد فلن يفقد وحده لأن الدول العربية أيضاً سوف تفقد صورتها السياسية.. التطبيع ليس سلبياً ولكن لا بد من أن ندرك أن العالم العربي ليس متماثلاً من حيث السمات السياسية، فهناك دول قادرة، ودول أخرى يصعب عليها أن تتقدم خطوة في مجال التطبيع لارتباطات تاريخية وثقافية بغض النظر عن موقفها السياسي تجاه السلام، ودعمها لمشروعات السلام في المنطقة.