الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

العرب.. والانتخابات الأمريكية

تغرق وسائل إعلام عربية في تحليل التأثيرات السلبية في المنطقة، وخاصة الدول الخليجية في حال فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن بالانتخابات الأمريكية، في حالة أشبه بــ«الكوميديان» السيئ الذي يعتقد بأنه يُضحك الجمهور فيما هم يضحكون عليه في الواقع.

مخطئ تماماً من يعتقد أن جو بايدن سيقلب السياسة الأمريكية رأساً على عقب، بمجرد وصوله إلى البيت الأبيض، فمن الحكمة الانتظار وعدم الاحتفال بما سيجري، فالولايات المتحدة لا تُدار بهذه السطحية، ودول الخليج ليست دولاً كرتونية تتهاوى لمجرد مجيء ديمقراطي وذهاب جمهوري، فلدى هذه الدول من الأدوات ما يضمن مواصلة العلاقات الاستراتيجية مع واشنطن، دون أي تغيرات جذرية تمس عمق العلاقة بين الطرفين.

المحتفلون بترجيح فوز الديمقراطيين، عليهم قراءة تصريح بايدن عن اجتماعه مع رئيسة الوزراء الإسرائيلية غولدا مائير عام 1973، باعتباره الاجتماع الأكثر أهمية من حيث تأثيره في حياته، وعليهم التدقيق بأرقام المساعدات الأمريكية للإسرائيل، ليكتشفوا أن أكبر مساعدات في تاريخ العلاقة بين البلدين، قُدمت في عهد إدارة أوباما ونائبه بايدن.


السياسة الأمريكية قائمة على لغة المصالح، لا على التعاطف والميل لأنظمة دون غيرها، وهذه المصالح هي التي حكمت العلاقات الأمريكية ـ الخليجية منذ عقود طويلة، فعلى سبيل المثال، تعاملت السعودية منذ عام 1945 مع 14 رئيساً أمريكياً، نصفهم من الديمقراطيين، وحافظت خلال هذه الفترة على علاقات استراتيجية قوية مع كلا الحزبين دون انعكاسات سلبية عميقة، فالمتغيرات كانت في إطار التكتيكات السياسية لا في جذور العلاقة وأهميتها.


بايدن، إن جاء، فإنه لن يلغي ما قام به ترامب، ولن يعيد سفارة واشنطن إلى تل أبيب، أو يقف عائقاً أمام أي اتفاقيات سلام بين إسرائيل والدول العربية، ولن يتخلى عن مصالح واشنطن مع دول الخليج، وأي تغيرات قد تحدث، ما هي سوى تغيرات مبنية على قراءات المؤسسة الأمريكية التي تحدد سياسة واشنطن، فمن يظن أن ترامب كان يغرد خارج سرب الدولة العميقة واهم ومخطئ، فأمريكا لم تتزعم العالم بسياسة فردية قائمة على شخص الرئيس.

باختصار، المستبشرون بمجيء بايدن، عليهم قراءة التوجه الأمريكي العام، بدلاً من التركيز على من سيجلس في البيت الأبيض، وإن كان لا بد من تحليل دور الرئيس، فعليهم التركيز على كامالا هاريس، التي قد تصل لسدة الرئاسة قبل الانتخابات المقبلة.