الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

روسيا لأردوغان: «خلف.. دُرْ»

كلما تعقد المشهد على الساحة السورية تتسارع التحركات بين «موسكو» و«أنقرة» في سباق ماراثوني صار شبه روتيني، حتى على مستوى التفاهمات المتوقعة بين الطرفين في سياسة قائمة على قضم ما أمكن من الأرض بين كل اتفاق وآخر، فالتفاهمات التي تتمخض عنها المؤتمرات المشتركة الروسية ـ التركية، ومنذ اتفاق مناطق خفض التصعيد لم تشهد تغيراً جوهرياً، بل كانت دائماً هي ذاتها لا تتغير بموجبها إلا الخريطة الجغرافية لصالح الرُوس، ولعل آخرها اللقاء الروسي التركي في 3 مايو الفائت على خلفية مواجهات عنيفة في إدلب بين قوات الحكومة وتركيا تكبدت فيها تركيا خسائر لا يُستهان بها آنذاك.

بقراءة ما اكتنفه المشهد السوري من أخذ ورد على مدى سنوات طويلة، اتسمت بسياسة العصا والجزرة كان هذا اللقاء كغيره بالنسبة لطموحات الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان»، الذي لطالما كان مرتهناً بالرضوخ للتفاهمات الروسية الملفوفة بقناع التعامل السياسي مع «أردوغان» بما يوحي له وكأنه ند ونظير إرضاءً لتبجحه، لتخرج بتفاهمات قديمة جديدة وكأنها قائمة على مبدأ: لنترك الماضي ونبدأ من جديد على ذات التفاهمات ولكن ليست على ذات الأرض.

نظرياً جاء الاتفاق مُرضياً وربما يُقرأ على أنه نصر سياسي لأردوغان من خلال تضمينه، ولأول مرة بند «المنطقة الآمنة»، إلا أن حقيقة الأمر أن هذا البند ليس إلا الجزرة التي تلوح بها «موسكو» بعد العصا التي أسفرت عن تقهقر الوجود التركي وخسارته مع الفصائل المدعومة تركياً على جبهة إدلب وخسارتها مساحات واسعة جراء صدامات مباشرة مع الجيش التركي، الذي لحقت به خسائر في العتاد والأرواح على يد القوات الحكومية وحليفتها روسيا، لتسفر اليوم عن تراجع للقوات التركية وانسحابها من أكبر نقاط المراقبة لها في ريف حماة وإدلب، ولا سيما من «مورك» والتقهقر إلى جبل الزاوية.


وخلاصة القول: أن الدور الروسي الحقيقي الذي تلعبه مع تركيا أردوغان الحالمة ليس إلا استراتيجية مفادها أن: لا حجمَ لتركيا إلا حجمها الطبيعي المحدود، فكلُ ما يحدث وما ينتج من اتفاقات تدخلها أنقرة مع روسيا تتقهقر بموجبها إلى الخلف، لتجد نفسها بعد فترة أمام تصعيد جديد وضربات خاطفة تُفقدها المزيد من الأرض، لتصبح أكثر ضعفاً، حتى تجد نفسها خارج الحدود بخسائر سياسية وعسكرية تذهب أدراج الرياح باتفاقات مضمونها أمر روسي لأردوغان، مفاده: «إلى الخلف.. دُرْ».