الخميس - 09 مايو 2024
الخميس - 09 مايو 2024

ترامب.. وبذرة صراع السلطة

في مقدمة الفيلم الأمريكي «سقوط البيت الأبيض» الذي عُرض عام 2013 يرسل المؤلف رسالة مفادها: أن الولايات المتحدة لن تسقط من الخارج، وأن سقوطها لن يأتي إلا من الداخل.

الانتخابات الرئاسية الأمريكية ليست بعيدة تماماً عن حبكة الفيلم، فما يدور حالياً في أروقة السياسة الأمريكية والرأي العام الشعبي أمر داخلي بحت، وهو في غاية الخطورة، فالولايات المتحدة حكمت العالم نتيجة القداسة التي أضفتها على الدستور والقانون ونتائج الانتخابات، فالكل ينصاع دون أي اعتراض لما تقره القوانين وتفرزه صناديق الاقتراع دون أي اعتراضات، وهذه القدسية هي التي دفعت المرشح الديمقراطي آل غور للتنازل أمام جورج بوش في عام 2000 بعد حكم المحكمة الاتحادية العليا رغم أن قرارها جاء بسبب ضيق الوقت نتيجة المهلة المحددة، وليس لثبوت فوز بوش.

شرعية الانتخابات وقداسة نتائجها تمثل الركيزة الرئيسية في النظام الأمريكي، ولطالما كان التداول السلمي للسلطة عامل الاستقرار والقوة التي مكنت واشنطن من قيادة العالم، والترويج للحلم الأمريكي الذي غزا عقول الملايين من سكان العالم.


لا أحد يتوقع أن تنهار أمريكا بشكل دراماتيكي في وقت قصير، فالمؤسسة الأمريكية راسخة الجذور وليس من السهل أن تسقط بسهولة، إلا أن الانقسام الحاصل في المجتمع الأمريكي، وظهور بعض التصرفات وإن كانت محدودة مثل حمل البعض السلاح في شوارع مدن أمريكية، بجانب حالة الشك التي باتت تغلف آلية فرز أصوات الناخبين، تشكل كل هذه العناصر في مجملها البذرة التي تم غرسها لتمهد الطريق نحو الصراع على السلطة.


مرحلة الرئيس دونالد ترامب انتهت نظرياً، ولكن الفلسفة والنظرية «الترامبية» لن تنتهي بهذه البساطة، فخلال 4 سنوات من حكم ترامب غيّر الكثير من المفاهيم وجرح العديد من المبادئ، التي كانت جزءاً من الصورة النمطية لأمريكا، ورمى الكثير من الحجارة في المياه الراكدة، بشكل أيقظ نزعات وانقسامات نائمة منذ أكثر من 100 عام.

بالمحصلة، فإن ترامب زرع بذرة الشك بقدسية الصندوق وما يفرزه، وأسّس لحالة من عدم اليقين بمصداقية وشفافية الإجراءات الانتخابية، وأدخل مفاهيم التزوير والأصوات غير الشرعية والتلاعب بالنتائج إلى عقول الأمريكيين، والفكرة دائماً ما تبدأ بالعقول وتنتهي بالفعل، فهل يكون عهد ترامب هو بداية مرحلة أفول أمريكا؟ الأيام كفيلة بالرد.