الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

أمريكا للأمريكيين يا عرب

«أمريكا للأمريكيين».. شعار أطلقه وزير خارجية أمريكا مونرو، وهو أكبر من شعار.. إنه سياسة واستراتيجية وتكتيك، يهدف لقطع الطريق على كل القوى، التي تحاول بسط النفوذ على القارة الأمريكية، لأنها عمق استراتيجي للولايات المتحدة.

في ستينيات القرن الماضي وقع أول تحدي عملي لمبدأ مونرو بوصول الصواريخ السوفييتية لكوبا، التي تقع على مرمى حجر من الولايات المتحدة فحدثت أزمة عالمية كبيرة، كادت تتسبب في حرب عالمية بين المعسكرين الشرقي والغربي.

تذكرت هذه الواقعة، بعد تتبعي للانتخابات الرئاسية في أمريكا، والرهان الذي علقته بعض الدول عليها، فبعضها راهن على دونالد ترامب لتحقيق مصالحه الحيوية وبعضها الآخر على جو بايدن.

فبريطانيا مثلاً راهنت على ترامب الذي دعم خروجها من الاتخاذ الأوروبي بهدف استكماله، وراهن السودان على ترامب لاستكمال بناء سياسة خارجية متناغمة مع الرؤية الأمريكية، وراهنت الصين على بايدن عسى ولعل تزول الخلافات التجارية بينهما، وكذلك فعل الفلسطينيون لأن ترامب قهرهم قهراً.. والأمثلة كثيرة.

لكن جو بايدن ونائبته هاريس بمجرد ظهور بوادر الفوز صرّحا بأنهما سيدافعان عن مصلحة أمريكا وشعب الولايات المتحدة، وأنهما لا يتخذان إلا القرارات التي تخدمهما، لأن أمريكا للأمريكيين كما قال مونرو، وليست لا للعرب ولا لغيرهم، باستثناء إسرائيل لكونها حصناً متقدماً لحضارة الغرب أمام بربرية الشرق «كما قال صامويل هنتغنتن في صراع الحضارات، أو كما قال جو بايدن في إحدى المداخلات»: لو لم تكن إسرائيل موجودة، كم يلزم أمريكا من قوة عسكرية للدفاع عن مصالحها في الشرق الأوسط؟ ولو فاز ترامب لقال هذا الكلام أيضاً، وقد قاله قبل 4 سنوات، وسنسمعه من الرئيس الفائز بعد 4 سنوات.

إن الرهان ليس عيباً في السياسة، لكن المشكل يكمن في دعم طرف على حساب آخر، فذلك مثل الذي يضع كل البيض في سلة واحدة، والسؤال المطروح الآن: ماذا بعد أن خسر المراهنون على ترامب؟ والجواب في نظري ليست نهاية العالم، بل يتعين العمل مع الفائز لأن العمل يتم على أساس دولة مع دولة وليس دولة مع شخص أو شخص مع شخص.

لكن فيما يخصنا كعرب يتعين علينا تعلُّم الدروس في الدفاع عن مصالحنا، والبداية تكون ببناء دولة المؤسسات، فالأشخاص، متغيرون والمؤسسات ثابتة. ثم نكرس جهداً لإعادة بناء الأمة العربية، فهي مكمن قوتنا أو ضعفنا.. أما أمريكا فهي للأمريكيين.. وكذلك روسيا أو الصين.