الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

معضلة المجمع الانتخابي

كل 4 سنوات، يعيش العالم موسماً انتخابياً كاملاً ليشهد انتخاب رئيس أقوى دولة في العالم، وتركز وسائل الإعلام على الانتخابات الرئاسية بشكل تفصيلي يغطي كل شيء تقريباً، ماعدا الانتخابات الفعلية نفسها! والمقصود هنا المجمع الانتخابي الذي ينعقد بعد شهر من الانتخابات العامة ليختار الرئيس، حيث إن انتخابات نوفمبر تشمل كل شيء إلا الرئيس!

فالناس ينتخبون أعضاء الكونغرس بمجلسيه وحكوماتهم المحلية، إضافة إلى أعضاء المجمع الانتخابي المخول بانتخاب الرئيس، ويتم انتخاب أعضاء الهيئة الانتخابية وعددهم 538 من قبل كل ولاية ومقاطعة يوم الثلاثاء بعد أول يوم اثنين من شهر نوفمبر في سنوات الانتخابات الرئاسية.

هذا التاريخ محدد بموجب قانون اتحادي أقرّه الكونغرس، ولا يجوز تغييره إلا من قبل الكونغرس، ويحتاج المرشح الرئاسي لـ270 صوتاً ليضمن دخول البيت الأبيض، بغض النظر عن مجموع الأصوات العامة والتي لا تضمن فوز المرشح، تماماً كما حصل مع آل غور في سنة 2000 وهيلاري كلنتون في 2016.

أجل، ينتخب الشعب الأمريكي مجموعة من الناس الذين سيختارون لهم رئيسهم، ولا ينتخبون الرئيس بشكل مباشر، ويعود هذا التقليد لبداية تأسيس الولايات المتحدة، حيث تعين كل ولاية مجموعة من الممثلين لها لانتخاب الرئيس، وبعدها يتم الاجتماع والتصويت للرئيس.

ومع تطور المشهد السياسي للاقتراع المباشر، حافظ الأمريكان على هذا التقليد من خلال انتخاب هؤلاء الناخبين بدلاً من تعيينهم، وليشعر المواطن أنه يسهم في اختيار الرئيس، يقوم الناخب الرئاسي بالتعهد بالتصويت لمرشح رئاسي محدد، وعادة يصوت الناس لمن اختارهم الحزب كممثلين ثقات سيصوتون لمرشح الحزب، ولن يخلفوا بوعدهم.

كما يقوم كل حزب سياسي بتسمية مرشحيه (عادة نشطاء الحزب القدامى أو أصحاب المناصب أو المانحون) لمنصب الناخب الرئاسي، وفي معظم الولايات، يتم ترشيح المرشحين لمنصب الناخب الرئاسي من قبل مؤتمرات المقاطعات والولايات لكل حزب سياسي منفصل في الولاية، وهناك مجموعة متنوعة من الأساليب الأخرى المستخدمة، ففي بعض الولايات يرشح المرشح الرئاسي نفسه ناخبيه الرئاسيين بشكل مباشر، وفي البعض الآخر يترك ذلك للمؤسسة الحزبية. 48 ولاية من أصل 50 ولاية تنتخب ناخبيها الرئاسيين باستخدام ما يسمى بقاعدة الفائز يأخذ كل شيء، أي أن 100% من ناخبي رئيس الولاية يُمنحون للمرشح الذي حصل على أكثر الأصوات شعبية داخل كل ولاية، أما في ولايتي ماين ونيبراسكا، فإنه يتم انتخاب ناخب رئاسي واحد من كل منطقة من دوائر الكونغرس بالولاية، ويتم انتخاب ناخبين رئاسيين على أساس التصويت على مستوى الولاية، فعلى سبيل المثال في عام 2008، انقسمت الأصوات الانتخابية في ولاية نيبراسكا، حيث حصل ماكين على 4، وحصل أوباما على صوت واحد، وفي عام 2016، انقسمت الأصوات الانتخابية لولاية ماين، حيث حصلت كلينتون على 3 وحصل ترامب على صوت واحد.

نظريّاً، يستطيع الناخبون الرئاسيون تغيير مواقفهم والتصويت لمن يشاؤون، ويسمى من يفعل ذلك بالناخب غير المؤتمن، ولكن نادراً ما يحصل هذا، وإن حصل فيكون بنسبة بسيطة لا تغير في النتيجة، فعلى سبيل المثال، في عام 2016 قام 7 من الناخبين الديمقراطيين بعدم التصويت لهيلاري كلنتون، اثنان صوَّتا لترامب و5 لمرشحين آخرين لم تكن لديهم قدرة على المنافسة.

بعد كل هذه الصراعات التي سببتها الانتخابات الرئاسية 2020، والتي قسمت الشعب الأمريكي، يرجح أن تكون هناك مبادرات لضبط النظام الانتخابي لضمان انتخابات تعبر عن رأي الشارع، بدلاً من تركه عرضة لتلاعب الحزبين الرئيسيين.

ولكن علينا أول انتظار نتيجة تصويت المجمع الانتخابي في 14 ديسمبر المقبل.