الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

أمريكا والوقت المستقطع

بعكس جميع الفترات الانتقالية التي تفصل بين الانتخابات الرئاسية الأمريكية وتسليم السلطة للرئيس الجديد، تبدو هذه الفترة الأكثر سخونة على مستوى العالم، إذ يقف الجميع على خيط مشدود خوفاً من تصرف تقوم به الإدارة الحالية لقلب الطاولة في وجه الجميع، وإدخال إدارة جو بايدن في نفق لا تستطيع الخروج منه بسهولة، لوضع العصي في دواليب حكم الديمقراطيين قبل أن يبدأ.

التخوف من تهور الإدارة الأمريكية الحالية له جمهوره الكبير، ولكن من زاوية أخرى، فإن غرق السياسة الأمريكية في الشأن الداخلي نتيجة النزاع الدائر قد يشجع الأطراف الدولية الأخرى على استغلال هذا الوضع وتحديد مسار جديد لملفاتها يعزز من مكاسبها وضغوطها على الإدارة، التي ستحكم البيت الأبيض للسنوات الأربع المقبلة.

تبدو الصين من الدول المرشحة لخلق واقع جديد في ملف تايوان، وهو الاحتمال الذي قد يفجر المشهد العالمي، عبر استغلال بكين لحالة التشتت الأمريكي لتعزيز موقفها والخروج من عباءة التهديدات باتخاذ الخطوات المناسبة للرد على تقوض مصالحها الأساسية إلى القيام بخطوة فعلية تخلط أوراق الصراع الأمريكي الصيني.


وفي ذات الطرف تبدو كوريا الشمالية متحفزة لضمان مواصلة مرحلة التفاوض التي دشنها ترامب مع بيونغ يانغ، إذ أن الزعيم الكوري الشمالي يدرك جيداً أن مشاكساته قد تمنحه قدرة أكبر على فرض شروطه على طاولة الديمقراطيين بعد تسلمهم الرئاسة في شهر يناير المقبل، لذا فإن التخوف من قيام كيم جونغ أون بخطوة ما لن يكون امراً مستبعداً.


على الطرف الآخر تقف إسرائيل وإيران على ذات الخيط المشدود، إذ تدرك تل أبيب أن الديمقراطيين لديهم ملاحظات جوهرية على صفقة القرن، فرغم أن بايدن من أكبر الداعمين لإسرائيل إلا أن أسلوبه مختلف تماماً عن نهج ترامب، مما قد يدفع بنيامين نتنياهو للقيام بقفزة كبيرة إلى الأمام نحو ضم أراض من الضفة الغربية، أو مباغتة إيران بضربة عسكرية قبل مجيء الإدارة الأمريكية الجديدة، بشكل يجبر طهران على الرد رغم أنها تميل إلى التهدئة لكسب أكبر مساحة ممكنة من التفاوض مع الديمقراطيين.

بالمحصلة، إن تأثيرات ما يجري في واشنطن لا تنحصر فقط بما سيقوم به ترامب في الدقائق الأخيرة، فقد تأتي المفاجأة من منطقة أخرى ترى في التشتت الأمريكي الحالي فرصة لن تتكرر.