الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الحرب.. ليست لعبة إلكترونية

نتعجّب، لما يصدر من كتابات وتعليقات من طرف صحفيين ومستخدمين لشبكات التواصل الاجتماعي بخصوص الأزمة بين جبهة البوليساريو والمغرب، حيث يتمنون أن يشاهدوا حرباً بين الجزائر والمغرب، بتسخينهم «البندير» حتى إنهم وصلوا حد «التحريض» والمقارنة بين القوات المسلحة للبلدين.

لهؤلاء لا بد من كلمة حق، إن الشعب المغربي هو أحب شعب للجزائريين، والشعب الجزائري هو أحب شعب للمغاربة، وكلاهما ينتظر اليوم الذي يرى فيه الحدود مفتوحة وتبادل المنافع بينهما، ولما لا تحقيق التكامل العربي، حتى لا أقول الوحدة العربية التي أصبح كثيرون في زمن البؤس هذا يتحرجون منها، رغم أنها حتمية متعددة الأبعاد، وستصل إليها الشعوب يوماً ما، على طريقة الاتحاد الأوروبي رغم عدد الحروب وحجم الدمار بين دوله؟

ثم إن الحرب ليست لعبة إلكترونية، إنها تأتي على الأخضر واليابس، الرجال والمنشآت والإمكانات.. ولا تدور بين الصحفيين الذين يجتهدون في العبارات.. فالكلمات الجميلة لا تخوض حرباً ولا تحرر وطناً، وإلا لكان الشعراء أهم القادة العسكريين في التاريخ.

إن كلا من الجزائر والمغرب، تعودا على ضبط النفس خلال الأزمات، ولم تحدث بينهما حرب بالمعنى الحقيقي للكلمة وأن ما حدث عام 1963 وعام 1976 لم يتعد كونه «اشتباكات مسلحة» تم تطويقها بسرعة.

والأكثر من ذلك، يدرك كلاهما أن الحرب بحاجة لقوة اقتصادية وكلاهما يفتقران لها، وليس من الحكمة وهما يعيشان البؤس أن ينزلقا إلى الحرب التي تفرخ المآسي.

لكن هذا لا يعني أننا نستبعد وجود من يرغب في مواصلة تدمير البلدان العربية، باختلاق الأسباب الوهمية، مثلما حدث مع العراق مرة بالحرب مع إيران، ثم بالزج به لاحتلال الكويت، وبعدها باختلاق «أسباب الربيع العربي» وما نجم عنه من تدمير سوريا وليبيا وغيرهما.

لقد سبق لي منذ سنوات، في خضم «نشوة» الربيع العربي، أن كتبت مقالاً بعنوان «لا لتسخين الرمال» قلت فيه إن الربيع العربي اختلف من دولة لدولة، وكأن الأمر عبارة عن خطة مدروسة، ولم أستبعد أنه في شمال إفريقيا سيكون من خلال إشعال حرب بين الجزائر والمغرب.

وقد تحولت العديد من الأقلام إلى «صواريخ ومتفجرات»، ولا ينبغي للأقلام الصادقة أن تستسلم للذباب الإلكتروني في الشبكات التي أصبحت فضاء يجادل فيه الجاهل العالم ويقول له: «أنت لا تفهم شيئاً يا...».

لقد قال أحد الاستراتيجيين: «إن الحرب مسألة جدية جداً حتى توكل للعسكريين».. لأنها ليست لعبة.