السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

العراق.. سكة هيبة الدولة

لا يخلو بلد من البلدان من أزمات داخلية وخارجية تعمل الحكومات جاهدة لتجاوزها إلى ضفة الاستقرار، وهي الرسالة التي أراد رئيس الوزراء «مصطفى الكاظمي» توجيهها للعراقيين وللأطراف الدولية، بأن مشروع حكومته الأول هو استعادة «هيبة الدولة» من الميليشيات التي تدين بالولاء لخارج العراق.

هيبة الدولة هي الحقيقة التي يدركها «الكاظمي» جيداً، لذلك وبعد عدة اعتداءات قامت بها الميليشيات الطائفية على المنطقة الخضراء مهددة أمن العراق واستقراره، صرّح الكاظمي بتبني حكومته لسياسة «لا راية في العراق إلا العلم العراقي»، هي السياسة التي رفضتها الميليشيات لما تعنيه من تقليم أظفارها في منافسة المؤسسة العسكرية، وهو ما لا يروق لها ولا لمشغليها.

هذا الأمر عدَّتْه ميليشيات الحشد تحدياً لها، وبأن هذا لن يزيدها إلا تعنتاً بسلاحها، فطفت على السطح ممارساتها التي تنبئ بجدية إعادة هيبة العراق من جهة ووبال هذا الأمر على الميليشيات من جهة أخرى، إذ لم تقف ردود الأفعال عند تصريحات «قيس الخزعلي» زعيم «عصائب أهل الحق» منذ عدة أشهر رداً على اعتقال عناصر من أتباعه إثر اعتدائهم على المنطقة الخضراء، إذ وصف «الكاظمي» وحكومته حينها بأنه أضعف من أن يتجرأ على هذه الخطوة وبأن الأجدى له معرفة حجمه، ملمحاً إلى أن هذه الميليشيات لا توازي الدولة، بل إنها أكبر من الحكومة ذاتها.


أما على المستوى الشعبي فقد لاقت هذه السياسة تأييداً واسعاً، والذي ظهر جلياً اليوم بعد تسريب مقطع صوتي لقائد في «حزب الله العراقي» يدعى «علي جواد المظفر» يهدد بقطع يد قائد عمليات الجيش العراقي في الأنبار إثر إعطائه الأوامر بإزالة كل ما يشكل رمزاً على حساب العلم العراقي، الأمر الذي قوبل هذه المرة بتحرك شعبي تلاه تحرك حكومي، إذ اشتعل الشارع العراقي تنديداً واستنكاراً لفظاظة المقطع المسرب وعنجهية الميليشيات التي تقدس صورةً لقائد ميليشياوي على حساب العلم العراقي.


لا شكّ بأنّ عراق الوطنية، وعراق المؤسسات، وعراق الهيبة أكبر وأقدس من عراق التبعيّة وعراق الميليشيات، والذي باتت صورته تظهر وتكبر يوماً بعد يوم، فبعد أن كانت الحكومة تخطو الخطوة في هذا الطريق منتظرة التأييد الشعبي، صارت اليوم تُخطى من قبل الشعب والرأي العام العراقي وتُتبع بتحرك حكومي، فيبدو أن العراق اليوم بات بحق على سكة هيبة الدولة.