السبت - 11 مايو 2024
السبت - 11 مايو 2024

البيضة والدجاجة.. والحجر

لطالما سخرنا من جدل القائلين (من له السبق البيضة أم الدجاجة؟) وكم سخرنا أيضاً من محترفي اللعب بتلك البيضة مع الحجر؟!

تُرى أيهما أسبق وأولى، معركة التنمية والديمقراطية أم التحرير؟ أضعنا في السفسطة زهاء قرن، وما يزال العبث مستمراً لدى بعض إخوتنا وجيراننا.

أيهما أغلى وأسمى الإنسان والوطن أم الحزب والتنظيم والفصيل والجماعة؟ ما نزال نسبّ سايكس ونلعن بيكو، ونتبرأ من الحرب الباردة ونتفاخر بعدم الانحياز، لكن شرذمة ما تزال في شرنقة التلاسن والتشاحن والاحتراب، وقليل من الحكماء استطاعوا رؤية الصورة كاملة وبكل أبعادها، وقلة قليلة التي تحلت بالشجاعة والحكمة معاً وهما أمران قلّ اجتماعهما عبر تاريخ البشرية.


تلك القلة وهي النخبة بحق، لا تنجر وراء قطيع يقوده أولئك الذين يلعبون البيضة والحجر، فآخرتهم معروفة إما فجّ رأس، أو انكسار وانسكاب البيضة بما حوت على وجوهم.


ما دفعني إلى كتابة هذه السطور هو الانحدار والإسفاف الذي وقع فيه البعض كلما جاءت قرارات سياسية تاريخية بما لا تشتهي سفن الواهمين، الساعي وراء السراب يخدع نفسه وذاك شأنه، لكن ليس من حقه حشد قطيع من الواهمين خلفه، لم يعد في عمر البشر ولا الجغرافيا بمواردها البشرية والمادية فسحة لمزيد من الضياع والتضييع.

استخدام الخطاب البائس عينه في التحشيد ضد من يقوم بواجبه في الدفاع عن شعبه وعن مصالح بلاده العليا ما عاد مقبولاً، خاصة في ظل ازدواجية المعايير والنفاق السياسي المفضوح على نحو غير مسبوق، ما عادت مقولة «ما خفي أعظم» تدهش أحداً، فقد انكشف المستور وعرف الناس كافة من هم أولئك الذين احترفوا الدجل السياسي تارة تحت عباءة الإخونجية وتارة تحت عباءة القومجية.

مبروك للمملكة المغربية مغاربية صحرائها، هنيئاً لسادس دولة عربية تنضم إلى السلام بعد الشقيقة الكبرى مصر والرابعة بعد الإمارات في «اتفاقات إبراهيم».

نسأل الله على الجانب الآخر، تحلي من تخلف عن الركب بالحكمة والشجاعة، فصديقك من صدقك لا من صدّقك، «الصدق منجاة» و«الحكمة ضالة المؤمن» ومن باب أولى أن يصدق الناس على المستوى الشعبي مع أنفسهم، بعد «غزة-أريحا أولاً»، ليت رام الله تنظر إلى الخليل، مثلاً!

ونحن بانتظار تحولات تاريخية عالمية، آن الأوان أن نكون ولو لمرة فاعلين مؤثرين لا انفعاليين متأثرين، العالم برمته وليس فقط الشرق الأوسط قيد إعادة التشكّل.. فماذا لو جربنا بصدق لمرّة، الصِّدق والسلام؟