السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

بريطانيا والإخوان.. المواجهة الأخيرة

يضيق الخناق على جماعة الإخوان المسلمين، يوماً بعد يوم، وعاماً بعد عام، وبلداً بعد بلد.. فمع أفول حلم «أستاذيَّة العالم»، والحلم بعودة الخلافة المزعومة، مع سقوط حكمهم في مصر عام 2013، ثم مسارعة دول عربية بإعلانهم جماعة إرهابية بداية من الإمارات العربية المتحدة، وانتهاء بالمملكة العربية السعودية، التي أعلنت ذلك أخيراً، ومسارعتها باجتثاثهم من منابر المساجد، لم يعد أمام الإخوان إلا الهروب والاختفاء في بعض «الجيوب الأوروبية».

بعض الدول الأوروبية أدركت خطرهم، وخطر داعميهم، ويوماً بعد يوم نسمع عن إغلاق جمعيات ومساجد ومراكز حقوقية تعمل كستار لهم، ومن المهم الإشارة هنا إلى الدورين الألماني والفرنسي في إعلان الحرب على التيارات المتطرفة عموماً، والمدعومة من تركيا، وما قاله ماكرون خلال حديثه مع مجلة جون أفريك: من أن أنقرة وجماعة الإخوان تستخدمان كراهية ما بعد الاستعمار في القارة، وقوله أيضاً: «لقد شوهت تركيا وجماعة الإخوان الإرهابية اللتان لهما تأثير كبير في دول إفريقيا، كلماتي عندما اتخذت القرار بمحاربة الإرهاب والتطرف»، وأضاف: «أنا لا أهاجم الإسلام، أنا أهاجم الإرهاب، نحن لا نتحدث مع الإرهابيين. نحن نحاربهم».

لكن في مقابل الدور الفرنسي الضاغط على الاتحاد الأوروبي لاتخاذ موقف ضد جماعة الإخوان والتطرف، نجد موقفاً مختلفاً من بريطانيا، وصفه الكاتب والخبير الأمريكي الإيطالي لورينزو فيدينو، مدير برنامج التطرف في جامعة جورج واشنطن «بالتباطؤ»، بل وعقد مقارنة مثيرة للاهتمام بين مواقف رؤساء وزراء بريطانيا خلال العقدين الماضيين، فيما يتعلق بالموقف من الإخوان والجماعات الراديكالية عموماً.


فبحلول أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، اكتشف اثنان من رؤساء وزراء بريطانيا وهما توني بلير وجوردون براون أن «الإسلاميين الناعمين» يمثلون مشكلة بسبب أجندتهم الاجتماعية المثيرة للانقسام، وأن التسامح مع غير المتسامح لم يكن تصرفاً مستنيراً بل خيانة للقيم التقدمية، وبعدهما جاء ديفيد كاميرون وتعهد بـ«تجفيف المستنقع» الذي غذى المتطرفين، لكن لم تشاركه تيريزا ماي اهتماماً بالقضية، ثم جاء حزب العمال تحت قيادة جيريمي كوربين وهو صديق لجماعات الإسلام السياسي.


ربما تبدو بريطانيا مشغولة الآن بالبريكست والمشكلات الناجمة عنه، لكن ربما على المسؤولين هناك أن يدركوا أن ثمة نيراناً تحت الرماد تتسع يوماً بعد يوم، وقد تشتعل في الجميع في أيّ لحظة.