السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

بايدن وساندرز.. والعسكرية الأمريكية

بدأ الرئيس الـ46 لأمريكا حملته بعهد ووعد.. فتعهد بأن تكون رئاسته لفترة واحدة، ووعد بإعادة أمريكا التي شوه صورتها سلفه دونالد ترامب ـ بنظره ـ «لم يكن جديراً بالرئاسة» ضد هيلاري كلينتون، فلم يكن فوزه شرعيّاً في 2016 كونها حصدت أغلبية الأصوات الشعبية رغم تقدمه بالمجمعات الانتخابية.

الصورة الآن تختلف، فقد فاز بايدن بالاثنين معاً، وانتصرت له الدولة العميقة ومؤسسات أمريكا كلها بما فيها الحزب الجمهوري، لا بل وحتى دائرته الضيقة ممثلة بنائبه، مايك بنس، وزعيمي الأغلبية حينذاك في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل والأقلية في مجلس النواب كيفين مكارثي.

وأمام نشوة بايدن بالانتصار وزهو صقور الحزب الديمقراطي، وبخاصة من اكتسبت الخصومة السياسية معهما عداوة شخصية، وهما: نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب، وتشاك تشومر زعيم الأغلبية الحالي في مجلس الشيوخ، فأمام هذه النشوة وهذا الزهو، قطع بايدن وعداً تفاءل به الجميع، عندما دعا إلى إنهاء «الحرب غير المتمدنة»، في إشارة إلى الانقسام وارهاصات حرب أهلية، واعداً بأن يحترم معارضة الـ75 مليوناً الذين لم ينتخبوه ما دامت في إطار «وحدة» الأمة.


لكن لم يكد يمر يومان على رئاسة بايدن اليتيمة حتى طلت بيلوسي برأسها، وكذلك تشومر معلنين موعد استلام مشروع قرار العزل الثاني لترامب يوم الاثنين، أي اليوم الخامس من التنصيب، بمعنى أسبوع العمل الأول منذ عودة بايدن إلى البيت الأبيض للمرة الثالثة ولكن الأولى كرئيس.


وبما أن العزل لا يمر إلا بالأغلبية الكبرى، أي الثلثين في مجلس الشيوخ، فإنه من المستحيل مرور القرار، تماماً كسابقه ولكن بمرارة أكثر ستؤدي قطعاً إلى تعميق وتوسيع الانقسام في أمريكا، بل سيتعدى الأمر إلى التشظي الذي قد يطال الحزب الديمقراطي نفسه.

حتى كتابة هذه السطور، طغت صورتان على المشهد خاصة التواصل الاجتماعي: الأولى كانت لبيرني ساندرز الذي يراه كثيرون الزعيم الحقيقي للحزب (جماهيريّاً وخاصة الشباب) الذي أفشلته المؤسسة مرتين، مرة لتصعيد هيلاري كلينتون 2016، وأخرى لتصعيد بايدن وكمالا هاريس، كان جالساً وحيداً بلباس متواضع بكفين صوفيين لافتين سرعان ما نفذا من الأسواق!

أما الصورة الثانية، فكانت للمئات من جنود الحرس الوطني الذين طلب منهم إخلاء الكونغرس، فقضوا ليلة أو أكثر مفترشين أرض كراج سيارات!

الصورة الأولى أثارت تعاطفاً مع بائس أو يائس، فيما أثارت الثانية حنقاً واسعاً ذكّر بكثير من شعارات وتحذيرات الرئيس السابق.