الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

المعادلة الأمريكية.. رهانات وواقع

أخذت الانتخابات الأمريكية حيِّزًا واسعاً من اهتمامات العرب، ولا يبدو الأمر خارج نطاق المنطق السياسي، بالنظر لمكانة أمريكا في العالم وتأثيرها على مجريات التحول في الكوكب الذي نعيش فيه، إلاّ أن الأمر الذي يبدو غير عقلاني، هو تهافت بعض القوى والجماعات السياسية والدينية، التي تستمد شروط بقائها من مزاعم معاداتها لأمريكا، لتلقي بالرهانات الجزافية على أن نتائج الانتخابات الأمريكية ستكون ربيعا لها وخريفا لأعداء تلك الجماعات.

ومن واقع تجربة شخصية في متابعة الانتخابات الأمريكية لسنوات طويلة، دائما ما تأتي سياسات إداراتها المتعاقبة على خلاف ما كان متوقعا، وبعكس ما كان يتم تداوله من تصريحات أثناء الحملات الانتخابية، ويبدو كثير منها متطرفا وخصوصا ما يتعلق بالسياسة الخارجية للمرشحين الأمريكيين.

على سبيل المثال، كانت تصريحات ترامب قبل وبعد فوزه بالانتخابات الأمريكية الأكثر استفزازا وعنفا تجاه العرب، لكن سياسات إدارته في مجملها أتت لصالح القضايا العربية من باب تشددها تجاه النشاط الإيراني في المنطقة.


ومن قراءة أولية لتشكيلة إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بادين، يبدو أن هذه الإدارة تتكون من مزيج غريب وغير مفهوم حتى الآن من الشخصيات، التي يجمعها في الغالب الالتزام الأمريكي التقليدي بأمن إسرائيل، ودعمها للحقوق والحريات العامة، وهي العباءة المفضلة التي باتت الجماعات الراديكالية المتشددة في الشرق الأوسط تختبئ خلفها لتحقيق بعض المكاسب في إطار سعيها الدائم لتفكيك الدول والأنظمة.


وإضافة إلى ما سبق يبدو من خلال قراءة السير الذاتية لبعض أركان إدارة الرئيس بايدن، أن السياسة الأمريكية تجاه إيران لن تشهد تغيرا كبيرا، بل إن هذا الموقف قد يسحب نفسه على تركيا المجاورة، التي لا يبدو بايدن وبعض أهم رموز إدارته الجديدة معجبون بسياساتها الداخلية والإقليمية.

وإضافة إلى الموقف الأمريكي التقليدي من روسيا والصين، لا تشير المعطيات الأولية إلى أن واشنطن على استعداد لخسارة حلفائها التقليديين في المنطقة، في سياق السيناريو المحتمل لصدامها الذي يبدو أنه سيبدأ أسرع مما هو متوقع مع بعض الدول، التي تراهن على ما تظنه رخاوة ديمقراطية في أعقاب تصلب جمهوري في البيت الأبيض.

وفي المحصلة، السياسة الأمريكية كانت وستظل مرهونة بلغة المصالح، مع مستوى من الخطاب البراغماتي الذي يرتفع ويهبط تجاه الدول والأنظمة وفقا لقوتها وتماسكها، وتلك هي المعادلة الأمريكية الثابتة طوال عقود.