السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

مصداقيّة مراكز الدراسات

مع تطور المجتمعات وتنوع مؤسساتها المختلفة من خاصة وعامة، أصبحت هناك حاجة لوجود مؤسسات ومراكز للبحوث والدراسات في مجالات مختلفة، وبعض هذه المراكز أوجد لنفسه معادلات ومصالح تدخل ضمن الأدوات التنافسية التي تستخدمها بعض المؤسسات والشركات للترويج، مستغلة أسماء تلك المراكز لتحقيق مكاسب إضافية.

وهناك من مراكز البحوث والدراسات التي فقدت مصداقيتها في تقديم الآراء والتقارير التي يمكن الاعتماد عليها، بعد أن فقدت حياديتها في عملها بصورة واضحة ومكشوفة، وأصبحت خاضعة للمصالح المختلفة، ومنها دراسات فقدت عمقها وأصبحت تفتقر لكثير من مقومات الدراسة والبحوث، لا سيما إذا تطلب الأمر استشراف المستقبل.

ورغم ذلك لا يمكن الاستغناء عن خدمات تلك المراكز، التي يحرص بعضها على كسْب رضى وثقة عملائه ومتابعيه من خلال تقديم الاستشارات والآراء والبحوث بنزاهة وأمانة، ليضمن مصداقيتها واستمراريتها بقوة، وذلك من خلال توفير كل متطلبات البحث والدراسة، واستقطاب العقول التي لها قدرة التحليل والاستنباط ووضع الاستراتيجيات والتوصيات القابلة للتنفيذ.

يعتقد البعض أن جودة أعمال مراكز الاستشارات والدراسات والبحوث تعتمد على حجم المبنى وعدد منتسبيها، إلا أن لكل قاعدة استثناء، فعلينا ألّا نغفل بأن العنصر البشري المتمكن ذا الميول التحليلية وسعة الاطلاع مهم في أعمال هذه المراكز، بالإضافة إلى المنظومة الإدارية التي توازن في حساباتها بين نجاح استثمارها في قطاع الدراسات والبحوث، وبين ما تقدمه للآخرين من خدمات قد تتطلب أحياناً تمرير أجندات لصالح بعض المتعاملين معها، أو ترجيح كفة مؤسسة أو شركة على أخرى.

وتلعب بعض مراكز الدراسات والبحوث أدواراً أخرى قد تكون غير معلنة، كقيامها بأعمال العلاقات العامة لكيانات مختلفة مستغلة مظلات الدراسات والبحوث في قيادة مفاوضات أو تقريب وجهات النظر، وأحياناً توجيه فئة مستهدفة والتأثير على قراراتهم وميولهم لصالح عملاء تلك المراكز.

وقد يكون التصنيف جزءاً من أعمال بعض مراكز البحوث والدراسات، ولكن بعض الكيانات التجارية تستغل هذا التصنيف في ضرب منافسيها أو الترويج لأعمالها، وأحياناً تُتهم هذه المراكز بأنها متواطئة مع جهة معينة حتى تمنحها تصنيفاً متقدماً على منافسيها، ولكن هناك من مراكز البحوث والدراسات ما لا يمكن التشكيك في نزاهتها ومصداقيتها لترفعها الدائم من أن تخرج عن قناعاتها وأهدافها السامية، وقد قيل «لو خُلِيَت خُرِبَت».