الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

حقبة عراقية.. مجهولة

حين أقيمت المحكمة الجنائية العراقية العليا لمحاكمة رموز النظام العراقي السابق، ظنَّ المراقبون أنَّ كمية هائلة من الأسرار والخفايا سيماط اللثام عنها، لا سيما أن مقتطفات مطولة من جلسات المحكمة كانت تبث على الهواء، وأسباب ذلك الظن ترجع إلى طول الفترة التي حكم بها حزب البعث العراق من عام 1968 حتى أبريل 2003، ولحدوث ثلاثة حروب كبرى في خلال ذلك الحكم، واحدة مع قوة إقليمية، واثنتان مع الولايات المتحدة، فضلاً عن أحداث داخلية مثيرة.

وكذلك لكون النظام كان مغلقاً لا يتيح تداول المعلومات ولا يمر أي جهد أو عمل رسمي أو شعبي إلا من خلال مراقبة أمنية، فضلاً عن أنّ رأس النظام كان في صدارة الواقفين في قفص المحكمة، وهذا يعني أن مصدر الأسرار العظيمة بات في مواجهة علنية.

لكن المحاكمات سارت في نطاق معلومات عادية سبق أن اطَّلع عليها الجمهور من وسائل الإعلام المحلية أو العالمية ولا تتوافر على جديد، سوى بعض الجمل العابرة التي مرت من خلال دفاع المتهمين عن أنفسهم.


قانونيون واجهوا هذه الأسئلة، وكانت إجاباتهم تدور حول صعوبة حصر الاتهامات في تبويب شخصي جنائي، كون معظم التهم المتوافرة أو التي لم ترد في قضايا المحكمة كانت ملتصقة بهيكلية الدولة ونظامها السياسي، ومن الصعب استخلاص الدور الفردي فيها.


لم يكن العراقيون فقط من تاق لمعرفة ما حدث خلال 35 عاماً، ولكن هناك دولاً كان يهمها فتح ملفات تسلط الضوء على سياسات سابقة لتفسير مواقف، وربما القياس عليها في فهم كيف يفكر الحزب الواحد أو الزعيم الأوحد عندما تكون مقاليد السلطة في يديهما.

حتى على صعيد الاتهامات الشخصية، كانت لدى العراقيين من خارج الأحزاب الحاكمة قضايا من شأنها إدانة شخصيات بارزة من دون إسقاطات سياسية نالت بسهولة من شرعية المحكمة، لا سيما أنها كانت تعمل والبلد تحت سلطة الحاكم المدني الأمريكي السابق بول بريمر، وفي استناد إلى القانون رقم (1) لسنة 2003، بالرغم من أنها أُنشئت بقانون رقم 10 من الحكومة العراقية المؤقتة في أكتوبر 2005.

ولاحقاً شاعت شهادات شخصية في برامج تلفزيونية وعبر وسائل التواصل بما يضيء ما كان غامضاً، لكن ذلك بحاجة إلى تدقيق المؤرخين لا سيما أن معظم شهود العيان على قيد الحياة.