الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

السياسة.. التنافس والموارد النادرة

يتسابق العالم للخروج من المستنقع الآسن والمزعج لفيروس كوفيد-19 الذي تجاوزت فترة تواجده بين ظهرانينا أكثر من عام، وقد سئمت البشرية كلها منه ومن أخطاره.

بناء على ما يقوله عالم السياسة البارز «ديفيد إيستون» الذي وضع الأساس الذي تقوم عليه أنظمة التحليل السياسي، تُعرَّف السياسة على أنها «التأطير الموثق للقيم والموارد النادرة» وهو التعريف المدرج في كتابه بعنوان «النظام السياسي» الذي نُشر عام 1953.

وإذا كانت السياسة هي كفاح من أجل الفوز بالموارد النادرة، فإن هذا ينطبق تماماً على اللقاحات المضادة لفيروس «كوفيد-19»، وبالرغم مما يبدو من الوهلة الأولى، أن هذا الصراع يدور بين الأمم، إلا أنه لا يعدو أن يمثل حالة من التنافس بين المنظمات المهتمة باستنباطه وإنتاجه وتسويقه.


أصبحت قضايا الحصول على كميات كافية من اللقاحات لتغطية حاجات سكان دولة ما، وكيفية توزيعها، وكيف يمكن تطعيم الناس بشكل آمن، ومن الذي يمتلك حق الحصول على البيانات الضخمة المتعلقة بتطعيم البشرية، ويكون له الحق في استخدامها، تندرج كلها في إطار الموارد الثمينة التي تتنافس على امتلاكها كل الدول.


بالنسبة للسياسيين، وخاصة منهم أولئك الذين يعانون من أحوال مضطربة وغير مستقرة، يمثل الحصول على عدد من اللقاحات يكفي لتلقيح كل السكان مسألة حياة أو موت، ليس فقط للحياة البيولوجية للأمة، بل لحياتهم الخاصة ومستقبلهم السياسي، وغالباً ما يعيش السياسيون ظروفاً عامرة بالمخاطر ولا يتوقفون عن الكفاح من أجل ضمان الاحتفاظ بوجودهم السياسي مهما كان الثمن.

ويؤمن كثيرون بأن اللقاح بحد ذاته هو العلاج السحري المضاد لفيروس «كوفيد-19»، وفي الوقت نفسه، ربما تمثل تلك اللقاحات المتوفرة «الرصاصة الفضية» لإنقاذ السياسيين من المآزق التي تواجههم، وتعيد إليهم الأمل والنشاط وتجنّبهم المصير المجهول.

كمثال عن ذلك، لو أن الرئيس السابق دونالد ترامب حصل على اللقاح قبل خوض الانتخابات الرئاسية فربما كنا نراه حتى الآن حاكماً للبيت الأبيض، هذا هو بالضبط ما نقصده بالسحر السياسي للقاحات وهو ما يبحث عنه السياسيون العالميون من خلال تأمينها لمواطنيهم.

هناك دول تأخرت في التحضير لتطعيم سكانها على نطاق واسع، ومن هذه الدول اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلاندا، والتي لم تبدأ حملات التطعيم على المستوى الوطني حتى بدايات شهر فبراير، وبقيت في آخر ترتيب دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية التي تضم 37 دولة صناعية.