الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

ليبيا.. التحديات والفرص

في مدينة «سرت» المدمَّرة، وافق البرلمان الليبي، في أول جلسة موحدة بعد سنوات عدة من الانقسامات والشلل، على أول حكومة وحدة ليبية انتقالية برئاسة عبدالحميد دبيبة، بعد ثلاثة أيام من النقاش الساخن.

ليبيا الغنية بثرواتها، الفقيرة لتماسكها الاجتماعي ووحدتها السياسيّة، واجهت حرباً داخليةً طاحنة وأطماعاً خارجية لا حدود لها، تخطو اليوم خطوة مهمة نحو عودة الاستقرار بعد تنصيب حكومة جديدة موسعة، وتأكيد الفرقاء في الشرق والغرب أنهم مستعدون لتسليم سلطاتهم.

ومع تسلم الحكومة مهامها ستكون قد حققت أهم أهدافها، وهو توحيد مؤسسات الدولة تحت حكومة واحدة، لتبقى أمامها أهداف أخرى لا تقل أهمية، إلى جانب توحيد المؤسسات، الحكومة مطالبة بتفكيك الميليشيات وإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية وبسط الأمن وتحقيق المصالحة الوطنية. كما ستكون أمامها مهمّة التصدي لملفات شائكة - في وقت قصير لا يتجاوز تسعة أشهر ـ منها الأزمة الاقتصادية الخانقة، الارتفاع الحاد في نسبة البطالة، التضخم، الخدمات العامة المزرية، الإعداد للانتخابات، والأهم ضمان استقلال القرار السيادي في كل ذلك. وعلى الرغم من صعوبة هذه المهام إلا أن الحكومة تتمتع بالكثير من فرص النجاح، منها، التغيرات التي يشهدها المشهد الدولي والإقليمي، وتحرك أمريكا من أجل إنهاء التدخل الأجنبي بما في ذلك الإجلاء الفوري للقوات الأجنبية، وقدرة الحكومة على إدارة موارد النفط المجمدة.


يبقى أن نجاح الحكومة الجديدة مرهون بحصولها على شرعية كاملة، والملاحظ، خلال جلسات مجلس النواب، أنه تم تجاوز تضمين خريطة الطريق، المنبثقة من ملتقى الحوار السياسي في الإعلان الدستوري، وهذا يعني بقاء المجلس الرئاسي الجديد دون شرعية، وبدونها ستبقى شرعية حكومة الدبيبة ناقصة.


ومن المتوقع مناقشة هذه النقطة خلال جلسة أداء الحكومة اليمين الدستورية في بنغازي، لكن إذا تم تجاهلها، فيمكن ان يقود ذلك الى منطقة رمادية، ليبيا في غنى عنها.

عودة الاستقرار إلى ليبيا هو مطلب داخلي ودولي لما له من أهمية من الناحية الجيوسياسية، سواء لليبيا نفسها أو لدول المنطقة والدول المحيطة، بما في ذلك دول جنوب أوروبا وشمال أفريقيا.

الحرب لم تدمر ليبيا وحدها، ولكن أثرت في جوارها الإقليمي أمنياً واقتصادياً وسياسياً، وعيون العالم اليوم على حكومة الدبيبة التي نأمل أن تعيد ليبيا لكل أهلها، وأن تنتشلها من وحل الحروب وخطر التقسيم.