الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الجزائر.. حرب الأسعار والندرة

تعودنا الحديث عن مختلف أنواع الحروب، كحرب المعلومات، والحرب النفسية، وحرب الأعصاب، والحرب الباردة، وغيرها، كما جرى الحديث أيضاً عن حرب الأسعار في النظام الاقتصادي التنافسي، حيث يتم تنزيل السعر لتحطيم منافس آخر، وحديث عن حرب الندرة التي من بين ما تعني «احتكار السلع» وتوظيفها سياسياً في الوقت المناسب بهدف تحقيق إما أهداف تكتيكية وإما استراتيجية.

على ضوء ما سبق، تشهد الجزائر منذ أيام حرب الندرة في السلع خاصة مادة الزيت، وقلة في السيولة المالية في البنوك، وجعلت المواطن يعش على أعصابه، فللحصول على «حفنة دنانير» يجب الوقوف في الطابور ساعات طويلة، عسى ولعلّ.

وينتج الزيت في الجزائر من طرف عدة شركات، لكن أبرزها تلك التي يملكها «يسعد ربراب»، واحد من أثرى رجال أفريقيا، الذي دائماً يشار إليه بالأصابع في مثل هذه الحالات، مثلما حدث عام 2011 بالتزامن مع الربيع العربي، حيث اضطر المواطن للاحتجاج العنيف في الشارع فيما يعرف باسم «ثورة الزيت والسكر»، وأشير إليه بالأصابع خلال مسيرات الحراك الشعبي عام 2019، ما جعل قائد الأركان السابق الراحل قايد صالح يأمر بسجنه، وكذلك عام 2001 فيما يعرف باسم أحداث العروش في منطقة القبائل التي كانت مناهضة للرئيس بوتفليقة حينذاك، لكن الرجل بادر وأوضح هذه المرة أن مصانعه لم تخفض أبداً من الإنتاج.

ورغم ذلك فالزيت لا يعرف فقط الندرة، بل ارتفع سعره نحو 50%، وحدث ذلك كذلك مع مختلف السلع الواسعة الاستهلاك مثل الدجاج. ويأتي هذا كله عشية التحضير لشهر رمضان الفضيل، فرغم أنه شهر العبادة والصيام والقيام، فإنه أيضاً الشهر الوحيد في السنة الذي تلتقي فيه العائلات على طاولة واحدة لتناول أشهى وألذ المأكولات وليس في ذلك ما يحرم ما تجنبنا التبذير.

الإشكال أن الحكومة تقف «شبه عاجزة» عن حل مشكل السيولة والندرة وارتفاع الأسعار، ولم تنفع التصريحات التضمينية من قبل الوزراء المعنيين، لذلك هناك تخوف من أن تؤثر حرب الندرة وحرب الأسعار على الشأن السياسي العام، ذلك أن هذه الحرب تأتي ليس فقط عشيّة رمضان الكريم، وإنما أيضاً بالتزامن مع انطلاق سباق الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها يوم 12 يونيو 2012، ومكمن المخاوف أن تعصف هذه الحرب بالأجندة السياسية بتغذية الحراك الشعبي المتواصل كل يوم جمعة وثلاثاء، فعندما يجوع الإنسان لا يستطيع أحد أن يتحكم في ردة فعله.