الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

دروس ما بعد الإنجاز والبناء

انتبهت قناة السويس بعد حادثة جنوح سفينة إيفر غيفن وغلق الممر البحري عدة أيام إلى أن تجهيزات الطوارئ لا تقل أهمية عن القناة ذاتها، لأنّ المخاطر الطبيعية أو البشرية محدقة بأيّ مشروع أو منشأة لا سيما مع تقادم الزمن.

هناك كلفة إضافية لأي منشأة أو مشروع مدني أو عسكري، تخص الصيانة والإدامة والمواد الاحتياطية ومعدات الطوارئ والتدريب، ولا يمكن تجاهلها في قطاع السلاح، ويكون ذلك كله في أساس القيمة الإجمالية للمشروع أو السلاح أو الذخائر العسكرية.

لكن اعتادت المشاريع المدنية أن تبدي تساهلاً كبيراً بشأن خدمات ما بعد الإنتاج أو البناء، فهناك مشاريع مدنية لا غنى لأية دولة عربية عنها كالجسور والسدود الكبيرة، التي غالباً تبنيها شركات عالمية متخصصة لكن أعمال الصيانة لا تضطلع بها الشركات المحلية، التي أفادت من خبرات التدريب المصاحبة للبناء، ويجري ترك المنشأة لتواجه أقدار الزمن، وعندها يتم الاتصال بشركات أجنبية أخرى تقوم بمهمة الإنقاذ.


ثمة قطاعات مدنية وصناعية وعسكرية بالغة الأهمية، لا يمكن ترك مصير صيانتها للاحتمالات أو التعامل مع شهادات الضمان الممنوحة لاستمرار الصلاحية كحالة لا تحتمل النقاش، بل يجب الإفادة من فترات الضمان المعتمدة لتأسيس شركات عربية للصيانة مرادفة لأي مشروع منجز، وصار ملكاً للبلد بعد مغادرة الشركات.


بعض المشكلات الناتجة عن ضعف الصيانة أو غيابها، أو سوء استخدام قطاعات معينة زراعية أو صناعية أو بحرية، قد تلحق ضرراً ببلدان أخرى مجاورة، في قضايا التلوث البيئي التي لا تحدها حدود، كالتسرب الكيميائي للمعامل والمصانع أو المفاعلات النووية.

على سبيل المثال أن ناقلة النفط التي تخل بشروط الصيانة قد تتسبب بكارثة تلوث بحري في المجال الإقليمي أو الدولي من الصعب السيطرة عليها إلا بعد خسائر جسيمة في حين أن أصل الخلل هو الإهمال المحلي أو التساهل في أنظمة بعض الدول والموانئ في إجازة الناقلات، لا سيما تحت ضغط الحاجة لسد النقص في موارد الطاقة التي يخشى العالم كله حدوثها.

الجديد الذي أثارته حادثة غلق قناة السويس هو الإشارة الكارثية التي أعطتها من دون قصد، للتنظيمات الإرهابية في اللجوء إلى افتعال حوادث مماثلة لإعاقة حركة الملاحة وإلحاق الخسائر الانتقامية بالدول والشعوب.

وهذا أمر جدير بالانتباه لزيادة موازنات الحماية والمراقبة العسكرية لسواحل البلدان المطلة على بحار أو للمضايق والقنوات البحرية، ومن الدروس المستخلصة في حادثة قناة السويس هو التفكير بالبدائل السريعة، فضلاً عن البدائل بعيدة المدى.