السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

موكب الملوك وموكب السفن

في مساء الثالث من أبريل الجاري، تحرك موكب ملوك وملكات مصر القديمة من المتحف المصري في ميدان التحرير إلى متحف الحضارة بمدينة الفسطاط، المشهد مهيب، والملايين يتابعون بفخر واعتزاز.

ميدان التحرير هو قلب القاهرة الحديثة، كما أسسها الخديوي إسماعيل في النصف الثاني من القرن الـ19، أما الفسطاط فهي العاصمة التي بناها عمرو بن العاص فور فتح مصر، على عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب.

موكب مومياوات الملوك والملكات، تاريخي بامتياز ويعكس عظمة هؤلاء الملوك رجالاً ونساء، ففي زمانهم قبل آلاف السنين لم تكن الحضارة المصرية القديمة تحرم المرأة من أرفع منصب في البلاد، وهكذا عرفنا الملكة العظيمة حتشبسوت وعدداً آخر من الملكات.


في اليوم ذاته - السبت - صباحاً، كان هناك موكب آخر يغادر مصر، هو موكب السفن والناقلات الضخمة، التي كانت تنتظر في مياه البحر الأحمر كي تعبر قناة السويس وصولاً إلى مياه المتوسط، كانت تلك السفن بقايا أكثر من 400 سفينة وقفت تنتظر تعويم الناقلة الأضخم إيفر غيفين، التي جنحت بالقناة فأغلقتها فعلياً لمدة ستة أيام، وكان على أبطال هيئة القناة من مهندسين وبحارة وفنيين أن يعملوا ليلاً ونهاراً لتعويم السفينة وبجهد خارق نجحوا، عملوا بدأب وإصرار وصمت، مع تحمل سيول من السخافات وبذاءات متنطعي السوشيال ميديا، فضلاً عن حملات الكارهين والحاقدين، وفي النهاية نجحوا وأنجزوا.


أبطال القناة هم أحفاد أولئك الذين تحرك موكبهم مساء السبت إلى متحف الحضارة، في الحالتين، كان الإنسان هو البطل وهو صاحب الإنجاز، أيّاً كان موقعه، يتحرك الزمان وتتغير أمور كثيرة، لكن يبقى الموقع الجغرافي، كما هو، والإنسان المنجز والفاعل، القادر على مواجهة التحديات والمصاعب، مهما كان حجمها، بلا خوف أو تردد.

وفي الحالتين أيضاً، كان رئيس جمهورية مصر العربية عبدالفتاح السيسي هناك مع أبطال القناة، صبيحة اليوم التالي للإنجاز الكبير بتعويم السفينة وعودة السفن للإبحار مجدداً، وكان أيضاً في متحف الفسطاط يستقبل موكب ملوك وملكات مصر العظام، والمعنى هنا أن الحاضر موصول بالماضي البعيد، لا إهدار للتاريخ ولا تضييع للحضارة، وأننا نعتز ونفخر بتاريخنا القديم كله، لا نفرط في حقبة منه، ولنتذكر أن هناك بعض المأفونين طالبوا، نهاية عام 2021، بهدم أبوالهول، لأنه صنم، وهناك أثناء ثورة 25 يناير من حاولوا اقتحام المتحف المصري ونهب محتوياته، وهكذا حوصر تاريخنا بين اللصوص وعصابات النهب من جانب وجماعة التكفير والإرهاب من جانب آخر، ولكن أمكن مواجهة الاثنين معاً، بفضل وعي الشعب - المواطن وقوة الدولة.