الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

مئوية الأردن.. الاستقرار والدعم

بعيداً عن القراءات المختلفة والتفسيرات المتباينة لأحداث تاريخنا العربي، من حيث نشوء الدولة بمفهومها العصري، فإننا نحتمي اليوم بما كان مرفوضاً في الربع الأول من القرن العشرين، وما أصبح بعد ذلك مطلباً عند قيام الثورات العربية، ثم تحول إلى واقع وحقيقة، وتحاول اليوم قوى الشر أن تجعله جحيماً، القصد هنا بمعناه الظاهري والخفي هو «الدولة الوطنية»، التي لم تكن يوماً نقيضاً للدين إلا من سولّت لهم أنفسهم البحث عن فضاءات عالمية، دون أن تؤسس لبدايات من واقعها المحلي.

على خلفية هذا، يمكن لنا أن نعرج على ذكر راهن المملكة الأردنية الهاشمية في الذكرى المئوية لقيامها، أي نشوء الدولة العربية، والأمر هنا ليس احتفاليّاً فقط ـ وإن كان من المفروض أن يعمق في ظل الأحزان العربية هنا وهناك ـ ولكنه بالأساس تعميق لتجليات الاستقرار في ظل وضع متغير شهدته المنطقة - ولا تزال - منذ تأسيس الأمير عبدالله بن الحسين عام 1921، إمارة شرق الأردن، ثم استقلالها عام 1946، والمناداة به ملكاً عليها.

لقد عُرفت منذ ذلك الوقت باسم المملكة الأردنية الهاشمية ـ كما تذكر المصادر - وهي تعمر اليوم شامخة، وإذا ما قورنت بمعظم دولنا العربية الأخرى، فهي الأطول عمراً، والأكثر ثباتاً في وجه التقلبات، وقد صغرت وضعفت وانقسمت من هي أكثر منها مالاً وعدداً ومساحة، وظلت هي موحدة، تتحايل على الواقع الدولي، وتتكيف مع تغيرات المحيط والجيران، وتتجاوب مع متطلبات الداخل.


لذلك يحقُّ للأردن اليوم أن يعيد تذكيرنا - نحن العرب جميعاً - بأهمية ثبات الدولة الوطنية في مواجهة الهزات الكبرى، وعلينا بالمقابل أن نُثمِّن ما يقوم به، ليس فقط لأنه مثّل واحة استقرار ـ في معظم مراحل تاريخه - منذ ولادة الدولة قبل مئة عام من الآن، ولكن لما هو أهم من ذلك، وهو إبعاد العرب ـ بقصد أو بدونه - عن تحمل عبء موقعه الجغرافي، حيث تأتيه المخاطر من كل الفضاءات.. ففي صموده تتجلى عبقرية القيادة، وصمود شعب، وتحقق وحدة، وجمع لمتناقضات شتى أدت بدول كبرى إلى السقوط المدوي.


صمود الأردن ـ الحكم والدولة والشعب - في الحاضر يتطلب دعماً عربيّاً ذا طبيعة استراتيجية، وليس مجرد تكتيكي مرحلي، بعيداً عن أي مقايضة سياسية، أو تغليب مصالح قُطرية تُنْهي الدولة الأردنية من الوجود أو تجعلها رهينة مواقف مرتبطة بمصالح آنية، قد تنتهي بها إلى فتنة ربما يطول أمدها، وذلك حتى تدخل قرنها الثاني بأمان من خوف وإطعام من جوع، فتنجو من واقع مرٍّ يعيشه اليوم من حولها.