الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الزراعة المستقبليّة.. زراعة عن بُعْد

عندما بدأت كتابة المقال لم يخطر في بالي سوى لعبة «المزرعة»، والتي كنا نلعبها قبل سنوات ونشارك أحداثها بين أصدقائنا، حينها كنا نحرث الأرض ونزرع الزرع ونسقيه ومن بعدها نقطف الثمار من خلال شاشات هواتفنا، وكنا ندير شؤون مزرعتنا ونكبرها ونوسعها ونطورها من خلال هذه اللعبة، التي أصبحت فيما بعد مدعاة للاستهزاء من جهود شبابنا وتوجهاتهم وطريقة تفكيرهم، ولكن ما رأيكم إن قلت لكم إننا كنا في حينها نستعد لثورة المستقبل؛ ثورة الزراعة عن بعد، ثورة قادمة لتغير شكل الزراعة للأبد؟

في مدينة «كوتشه» بمقاطعة شينجيانغ في الصين بدأ المزارعون بزراعة القطن باستخدام الطائرات بدون طيار، ويمكن لهذه الطائرات القيام بالكثير من الأعمال الزراعية من بذر البذور ومراقبة المحاصيل، وليس هذا فقط بل بات يستخدم المزارعون هناك أساليب متطورة وآلات غير مأهولة مثل: الجرارات وآلات الحصاد وقطف الثمار المبرمجة للعمل وحدها «ذاتية القيادة»، والتي تكون موصولة بأنظمة GPS لتكون مراقباً ومحركاً لها عن بعد، وليس هذا فقط أصبحوا يستخدمون مجسات ومستشعرات تمكنهم من قياس درجة الرطوبة في التربة لتحدد فيما إذا كانت المحاصيل بحاجة للري أم لا.

دخول الذكاء الاصطناعي وتقنيات إنترنت الأشياء والطائرات بدون طيار، وغيرها من الأنظمة الحديثة للمجال الزراعي سيغير من شكل الزراعة، ولك أن تتخيل مزارع موصولة بالإنترنت، ويمكنك من خلال هاتفك أن تراقب نسبة الرطوبة في التربة وبنفس الوقت تمكنك المستشعرات في التربة من معرفة احتمالية إصابة منتجاتك بالآفات والأمراض، والمزرعة تستطيع من خلال أنظمة متطورة أن تحدد درجة الحرارة المطلوبة ونسبة التهوية ودرجة الإضاءة، بالإضافة لوجود آلات زراعية غير مأهولة «ذاتية القيادة»، تقوم بعملها المدرج في الجداول من حرث الأرض وحصد المحاصيل وبذر البذور، وكل هذا بجانب، وأن تجد روبوتات تقوم بقطف الثمر وتعبئته وتغليفه وتقوم بإيصاله للمخازن، وأن تجد طائرات درونز تقوم بمراقبة المحاصيل، وتزودك ببيانات وصور وفيديوهات حول المحاصيل وكمياتها، وتزودك ببيانات ومعلومات حول وجود أعشاب ضارة في محاصيلك، كل هذا وأنت تجلس خلف شاشتك فقد تشاهد وتعطي الأوامر.

هذا هو شكل الزراعة وآلية عملها المستقبلية، تكنولوجيا متطورة توفر الوقت والجهد، وتساعد في زيادة حكم المحاصيل وتنوعها خصوصاً عند الحديث عن تقنيات الزراعة العمودية والتي ما أن تكتمل التجربة بشقيها العلمي والتكنولوجي حتى نصل لمستوى جديد ومتقدم ومتطور للزراعة؛ أشبه ما تكون لعبة إلكترونية على أرض الواقع تجني ثمارها أمام عينك، وترى أرباحها في كشوفات حسابك البنكي.