الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

اختلال اللّقاحات.. ومستقبل العالم

بعد أزمة جائحة «كوفيد-19» وما ترتب عنها من تداعيات، يبدو أن العالم يواجه اليوم أزمة أخرى، وهي أزمة لقاحات الفيروس، ففي الوقت الذي تتسارع فيه الدول الغنية من أجل تطعيم مواطنيها، لا تزال الدول الفقيرة في طابور الانتظار تنتظر نصيبها من مبادرة «كوفاكس»، التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية من أجل ضمان التوزيع العادل والمتساوي للقاح بين بلدان العالم.

لم تنجح مبادرة كوفاكس في تحقيق أهدافها المتمثلة في توفير جرعات من اللقاحات بدون كلفة للدول النامية، تكفي لتطعيم 20% من سكانها، ولم تستطع إيقاف طمع الدول الغنية في المنافسة والاستحواذ على سوق اللقاحات. مثلاً، خلال الأسبوعين الماضيين، تمت إتاحة أقل من 2 مليون جرعة إجمالية من مبادرة كوفاكس للشحن إلى 92 دولة في الدول النامية، وهي نفس الكمية التي تم ضخها في بريطانيا وحدها.

انتقدت منظمة الصحة العالمية هذا «الاختلال الصادم» في التطعيم العالمي، وأشارت إلى أن 700 مليون جرعة لقاح استخدمت على مستوى العالم، 87% منها ذهبت إلى الدول عالية الدخل أو الشريحة العليا من الدول متوسطة الدخل، في حين حصلت الدول منخفضة الدخل على 0.2% فقط من الجرعات.

في الدول الغنية 1 من كل 4 أشخاص تلقى لقاحاً، بينما في الدول الفقيرة 1 فقط من كل 500 شخص حصل على جرعة. والأسوأ أنه في بعض البلدان (60 دولة تقريباً) التي استقبلت شحنات كوفاكس، وتم تطعيم مواطنيها بالجرعة الأولى، لم تستلم بعد الشحنات المتوقعة للجرعات الثانية، في غضون 12 أسبوعاً الموصى بها حالياً.

عدم حصول مواطني الدول النامية على اللقاح الكافي لتحقيق المناعة الجماعية ضد الفيروس يهدد بعودته مرة أخرى، ربما بصورة أشد فتكاً.

لا شك أن الأزمة الراهنة تسهم بشكل كبير في تفاقم أوضاع عدم المساواة في أنحاء العالم، وعدم إيجاد حل لازمة اللقاحات يعني ازدياد الفجوات بين الدول، وصعوبة القضاء النهائي على الفيروس، والحل هو التوافق حول صيغة دولية معينة لزيادة إنتاج اللقاحات.

هناك حاجة للتضامن العالمي في الحرب ضد الجائحة، وهناك أيضاً حاجة لتجاوز كل العقبات المالية والتكنولوجية وتلك المتعلقة بالملكية الفكرية والتغلب على الفجوة بين العرض والطلب على مستوى اللقاح.

إن توزيع اللقاح على كل دول العالم بشكل متساوٍ وعادل، سيكون هو الحل الأوحد للتعافي من الجائحة، وحماية الرأسمال البشري، وتحفيز التعافي الاقتصادي على مستوى العالم ككل.